الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -

وَالإِْجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَْقْوَال، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنْ مَدَارِكِ الْعِلْمِ، هَل لاَ بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ سَمَاعِ أَقْوَالِهِمَا، أَمْ يَكْفِي السَّمَاعُ فَقَطْ؟ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَكْفِي السَّمَاعُ وَلاَ تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إِذَا عَرَفَهُمَا وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ كَلاَمُهُمَا، وَبِهَذَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَشُرَيْحٌ وَعَطَاءٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى؛ لأَِنَّهُ عَرَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَقِينًا فَجَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَآهُ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لِمَنْ عَرَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَقِينًا، وَقَدْ يَحْصُل الْعِلْمُ بِالسَّمَاعِ يَقِينًا، وَقَدِ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ بِتَجْوِيزِهِ الرِّوَايَةَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، وَلِهَذَا قُبِلَتْ رِوَايَةُ الأَْعْمَى وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ أَزْوَاجِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنْ غَيْرِ مَحَارِمِهِنَّ.

وَالأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الرُّؤْيَةُ مَعَ السَّمَاعِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ مِنَ الأَْقْوَال كَالأَْفْعَال؛ لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ تَحَمُّل الشَّهَادَةِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ التَّحَمُّل بِمُعَايَنَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِنَفْسِهِ لاَ بِغَيْرِهِ إِلاَّ فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ يَصِحُّ التَّحَمُّل فِيهَا بِالتَّسَامُعِ مِنَ النَّاسِ كَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ، وَالدَّلِيل عَلَى شَرْطِ التَّحَمُّل عَنْ طَرِيقِ الْمُعَايَنَةِ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لاَ تَشْهَدْ إِلاَّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ، وَأَوْمَأَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ يَعْلَمُ مِثْل الشَّمْسِ إِلاَّ بِالْمُعَايَنَةِ بِنَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ الأَْعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ سَوَاءٌ أَكَانَ