الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -
أَحَدُهُمَا: صَحَابِيٌّ رَآهُ فَعَلِمَ صِفَتَهُ فَانْطَبَعَ فِي نَفْسِهِ مِثَالُهُ فَإِذَا رَآهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ رَأَى مِثَالَهُ الْمَعْصُومَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَيَنْتَفِي عَنْهُ اللَّبْسُ وَالشَّكُّ فِي رُؤْيَتِهِ ﵊.
وَثَانِيهِمَا: رَجُلٌ تَكَرَّرَ عَلَيْهِ سَمَاعُ صِفَاتِهِ الْمَنْقُولَةِ فِي الْكُتُبِ حَتَّى انْطَبَعَتْ فِي نَفْسِهِ صِفَتُهُ ﵊، وَمِثَالُهُ الْمَعْصُومُ، كَمَا حَصَل ذَلِكَ لِمَنْ رَآهُ، فَإِذَا رَآهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ رَأَى مِثَالَهُ ﵊ كَمَا يَجْزِمُ بِهِ مَنْ رَآهُ، فَيَنْتَفِي عَنْهُ اللَّبْسُ وَالشَّكُّ فِي رُؤْيَتِهِ ﵊، وَأَمَّا غَيْرُ هَذَيْنِ فَلاَ يَحِل لَهُ الْجَزْمُ بَل يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَآهُ ﵇ بِمِثَالِهِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مِنْ تَخْيِيل الشَّيْطَانِ، وَلاَ يُفِيدُ قَوْل الْمَرْئِيِّ لِمَنْ رَآهُ أَنَا رَسُول اللَّهِ، وَلاَ قَوْل مَنْ يَحْضُرُ مَعَهُ هَذَا رَسُول اللَّهِ؛ لأَِنَّ الشَّيْطَانَ يَكْذِبُ لِنَفْسِهِ وَيَكْذِبُ لِغَيْرِهِ، فَلاَ يَحْصُل الْجَزْمُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ مِثَالِهِ الْمَخْصُوصِ لاَ يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي التَّعْبِيرِ أَنَّ الرَّائِيَ يَرَاهُ ﵊ شَيْخًا وَشَابًّا وَأَسْوَدَ، وَذَاهِبَ الْعَيْنَيْنِ، وَذَاهِبَ الْيَدَيْنِ، وَعَلَى أَنْوَاعٍ شَتَّى مِنَ الْمُثُل الَّتِي لَيْسَتْ مِثَالَهُ ﵊؛ لأَِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ صِفَاتُ الرَّائِينَ وَأَحْوَالُهُمْ تَظْهَرُ فِيهِ ﵊ وَهُوَ كَالْمِرْآةِ لَهُمْ (١) .
_________
(١) الفروق (٤ / ٢٤٥ ط الأولى) .