الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢١ -
فَتَتَقَيَّدُ تَصَرُّفَاتُهُ أَيْضًا بِمَا لاَ يَضُرُّ بِحُقُوقِ الْوَرَثَةِ.
أَمَّا الثُّلُثُ فَقَدْ جَعَلَهُ الشَّارِعُ حَقًّا لِلْمَرِيضِ يُنْفِقُهُ فِيمَا يَرَى مِنْ سُبُل الْخَيْرِ وَنَحْوِهَا، سَوَاءٌ بِالتَّبَرُّعِ الْمُنْجَزِ حَال الْمَرَضِ، أَوْ بِالْوَصِيَّةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (١) .
١٥ - عَلَى أَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ تَعَلُّقِ حَقِّ الدَّائِنِينَ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِمَال الْمَرِيضِ، وَهَذَا الْفَرْقُ يَئُول إِلَى أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَقَّ الدَّائِنِينَ يَتَعَلَّقُ بِمَال الْمَرِيضِ مَعْنًى لاَ صُورَةً، أَيْ أَنَّهُ لاَ يَتَعَلَّقُ بِذَاتِ الأَْشْيَاءِ الَّتِي يَمْلِكُهَا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمِقْدَارِ مَا فِيهَا مِنْ مَالِيَّةٍ؛ لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِمَالِهِ هُوَ التَّمَكُّنُ مِنِ اسْتِيفَاءِ دُيُونِهِمْ (٢) .
أَمَّا تَعَلُّقُ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِمَال الْمَرِيضِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ هَل يَتَعَلَّقُ بِمَالِيَّتِهِ أَمْ بِعَيْنِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: - فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَابْنُ أَبِي يَعْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُ كَحَقِّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِمَال الْمَرِيضِ مَعْنًى لاَ صُورَةً، فَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَرِيضِ بِمِثْل الْقِيمَةِ
_________
(١) انظر قرة عيون الأخيار ٢ / ١٢٧، مغني المحتاج ٢ / ١٦٥، شرح الخرشي ٥ / ٣٠٥، المغني ٤ / ٥٠٨ (ط. المنار ١٣٤٨ هـ)، كشف الأسرار على أصول البزدوي ٤ / ١٤٢٧ (استانبول ١٣٠٧ هـ)، فواتح الرحموت ١ / ١٧٤، بدائع الصنائع ٧ / ٢٢٤.
(٢) انظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٣٠٧