الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢١ -
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: جِرَاحَاتُ أَهْل الْكِتَابِ مِنْ دِيَاتِهِمْ كَجِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَاتِهِمْ. وَتُغَلَّظُ دِيَاتُهُمْ بِاجْتِمَاعِ الْحُرُمَاتِ عِنْدَ مَنْ يَرَى تَغْلِيظَ دِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ (١) .
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ - كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ - وَالْمُسْتَأْمَنَ وَالْمُسْلِمَ فِي الدِّيَةِ سَوَاءٌ وَهَذَا قَوْل إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاوِيَةَ ﵃.
فَلاَ يَخْتَلِفُ قَدْرُ الدِّيَةِ بِالإِْسْلاَمِ وَالْكُفْرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِتَكَافُؤِ الدِّمَاءِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ (٢)﴾ . أَطْلَقَ ﷾ الْقَوْل بِالدِّيَةِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقَتْل مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، فَدَل عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْكُل وَاحِدٌ.
وَرُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ قَتَل مُسْتَأْمَنَيْنِ فَقَضَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فِيهِمَا بِدِيَةِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ (٣) . وَرَوَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄ قَضَيَا فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ
_________
(١) المغني ٧ / ٧٩٥.
(٢) سورة النساء / ٩٢.
(٣) حديث عمرو بن أمية الضمري ذكره ابن إسحاق في سيرته بدون إسناد، ونقله عنه ابن هشام في سيرته كذلك (٢ / ١٨٦ - ط الحلبي) . وأخرجه موصولًا الترمذي من حديث ابن عباس (٤ / ٢٠ - ط الحلبي)، وقال: " هذا حديث غريب ".