الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢١ -
وَهِيَ غَائِبَةٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا فَلَمْ تَصْبِرْ، وَأَرَادَتْ نَقْلَهُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَسَعُهَا ذَلِكَ، فَتَجْوِيزُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا نَقْل يَعْقُوبَ وَيُوسُفَ ﵉ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ؛ لِيَكُونَا مَعَ آبَائِهِمَا الْكِرَامِ فَهُوَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَلَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ كَوْنِهِ شَرْعًا لَنَا.
وَأَمَّا قَبْل دَفْنِهِ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِنَقْلِهِ مُطْلَقًا، وَقِيل إِلَى مَا دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ، وَقَيَّدَهُ مُحَمَّدٌ بِقَدْرِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نَقْل الْمَيِّتِ قَبْل الدَّفْنِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ إِلاَّ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ. وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِالْحَبَشَةِ، فَحُمِل إِلَى مَكَّةَ فَدُفِنَ، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَتَتْ قَبْرَهُ، ثُمَّ قَالَتْ: " وَاللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دُفِنْتَ إِلاَّ حَيْثُ مِتَّ، وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ (١) ".
وَلأَِنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ لِمُؤْنَتِهِ، وَأَسْلَمُ لَهُ مِنَ التَّغْيِيرِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ جَازَ.
قَال الشَّافِعِيُّ ﵀: لاَ أُحِبُّهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ
_________
(١) حديث: " أثر عائشة في إتيانها قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر " أخرجه الترمذي (٣ / ٢٦٢ - ط الحلبي)، وعبد الرزاق في " المصنف ". (٣ / ٥١٧، ٥١٨ - ط المجلس العلمي) .