الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
الْمَدْعُوِّينَ وَالأَْتْبَاعِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَثَلًا حَيًّا لِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ، وَنَمُوذَجًا عَمَلِيًّا يَحْتَذِيهِ الأَْتْبَاعُ، وَيَخْرُجُ فِي أَنْفُسِهِمْ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونُ الدَّعْوَةِ أَمْرًا خَيَالِيًّا بَعِيدًا عَنِ الْوَاقِعِ. هَذَا بِالإِْضَافَةِ إِلَى أَنَّ الْمَدْعُوَّ يَتَعَلَّمُ مِنْ أَخْلاَقِ الدَّاعِيَةِ مِنَ التَّفَاصِيل مَا قَدْ لاَ تُبَلِّغُهُ الدَّعْوَةُ الْقَوْلِيَّةُ.
وَلَوْ أَنَّ أَخْلاَقَ الدَّاعِي كَانَتْ عَلَى خِلاَفِ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ تَكْذِيبًا ضِمْنِيًّا لِدَعْوَتِهِ، وَإِضْعَافًا لَهَا فِي نُفُوسِ الْمَدْعُوِّينَ وَالأَْتْبَاعِ، وَالْمَعْصِيَةُ قَبِيحَةٌ مِنْ كُل أَحَدٍ، وَلَكِنَّهَا مِنَ الدَّاعِيَةِ أَشَدُّ قُبْحًا وَسُوءًا. وَهُوَ مُهْلِكٌ لِدَعْوَتِهِ، قَاطِعٌ لِلنَّاسِ عَنِ الْقَبُول مِنْهُ.
وَهَذَا الْقَوْل صَادِقٌ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالأَْخْلاَقِ وَالآْدَابِ الإِْسْلاَمِيَّةِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ.
الْخَامِسُ: التَّحَلِّي بِمَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ، وَمَحَاسِنِ الصِّفَاتِ.
عَلَى الدُّعَاةِ أَنْ يَزِيدُوا عِنَايَتَهُمْ بِأَخْلاَقٍ وَصِفَاتٍ مُعَيَّنَةٍ خَاصَّةٍ، لِمَا لَهَا مِنْ مِسَاسٍ بِالدَّعْوَةِ يُؤَدِّي إِلَى نَجَاحِهَا، كَالصَّبْرِ وَالتَّوَاضُعِ، وَالرَّحْمَةِ وَاللِّينِ، وَالرِّفْقِ بِالْمَدْعُوِّينَ، وَالصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ، وَالْحُنْكَةِ وَالْفِطْنَةُ فِي التَّعَامُل مَعَ مَنْ يَدْعُوهُمْ، وَمَعَ ظُرُوفِ الدَّعْوَةِ، وَرِعَايَةِ الضُّعَفَاءِ وَالْعَامَّةِ عِنْدَ التَّعَامُل مَعَهُمْ، وَالْفِطْنَةِ فِي التَّعَامُل مَعَ أَهْل النِّفَاقِ.