الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -

الْمُدَّعِي، وَأَنْ لاَ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مُسْتَحِيلًا عَقْلًا أَوْ عَادَةً، وَأَنْ لاَ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْتَأْجِرًا لِعَيْنٍ يُعَطِّل حُضُورُهُ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَتِهَا، وَإِنَّمَا يُحْضِرُهُ إِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِْجَارَةِ، وَقَدْ ضَبَطُوا التَّعْطِيل الْمُضِرَّ بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُقَابَل بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ. (١)

وَالشَّافِعِيَّةُ كَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُجِيزُونَ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ إِذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ مَقْبُولَةٌ، وَبِهَذَا يَسْتَطِيعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ الْبَعِيدِ أَنْ يَسْلُكَ هَذَا الطَّرِيقَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ إِحْضَارَ خَصْمِهِ. (٢)

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مَسْلَكٌ قَرِيبٌ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ: فَقَدْ فَصَّلُوا بَيْنَ الْقَرِيبِ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَالْبَعِيدِ عَنْهُ، فَالْقَرِيبُ يَحْضُرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَلاَ يُطْلَبُ مِنَ الْمُدَّعِي تَفْصِيل مَطَالِبِهِ، وَلاَ ذِكْرُ الشُّرُوطِ الْمُصَحِّحَةِ لِلدَّعْوَى، وَالْبَعِيدُ لاَ يَحْضُرُ إِلاَّ إِذَا فَصَّل الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَذَكَرَ جَمِيعَ شُرُوطِهَا، وَلَكِنَّ مُقْتَضَى كَلاَمِهِمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي فِي الْقَرِيبِ أَنْ يَسْتَفْسِرَ عَنْ بَعْضِ شُرُوطِ الدَّعْوَى، فَيَسْأَل مَثَلًا عَنِ الْمُدَّعَى بِهِ لِيَعْلَمَ إِنْ كَانَ تَافِهًا لاَ تَتَّبِعُهُ الْهِمَّةُ أَوْ غَيْرَ تَافِهٍ. وَيَجْدُرُ بِالذِّكْرِ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ هُمْ مِمَّنْ أَجَازَ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ الْبَعِيدِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُدَّعِي

_________

(١) تحفة المحتاج ١٠ / ١٨٦، ١٨٩

(٢) المهذب ٢ / ٣٠٥، شرح المحلي، حاشية قليوبي وعميرة ٤ / ٣٠٨