الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّهَا تُقْبَل فِي حُقُوقِ اللَّهِ الْخَالِصَةِ حِسْبَةً، كَمَا تُقْبَل فِيمَا كَانَ حَقًّا لآِدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَلاَ تَفْتَقِرُ إِلَى تَقَدُّمِ الدَّعْوَى.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: الْحُقُوقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
٤٤ - أَحَدُهُمَا: حَقٌّ لآِدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، كَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُقُودِ، وَالْعُقُوبَاتِ كَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْوَقْفِ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، فَلاَ تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ فِيهِ إِلاَّ بَعْدَ الدَّعْوَى، لأَِنَّ الشَّهَادَةَ فِيهِ حَقٌّ لآِدَمِيٍّ، فَلاَ تُسْتَوْفَى إِلاَّ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ وَإِذْنِهِ، وَلأَِنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى الدَّعْوَى وَدَلِيلٌ لَهَا فَلاَ يَجُوزُ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهَا.
٤٥ - الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا كَانَ حَقًّا لآِدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ، أَوْ سِقَايَةٍ، أَوْ مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ، أَوِ الْوَصِيَّةِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَنَحْوِ هَذَا، أَوْ مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى كَالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوِ الزَّكَاةِ، أَوِ الْكَفَّارَةِ، فَلاَ تَفْتَقِرُ الشَّهَادَةُ بِهِ إِلَى تَقَدُّمِ الدَّعْوَى، لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ مِنَ الآْدَمِيِّينَ يَدَّعِيهِ وَيُطَالِبُ بِهِ. وَلِذَلِكَ شَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْمُغِيرَةِ، وَشَهِدَ الْجَارُودُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَشَهِدَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى فَأُجِيزَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي