الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
ثُمَّ فِي الدُّعَاءِ مِنَ الْفَائِدَةِ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي حُضُورَ الْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ وَهُوَ مُنْتَهَى الْعِبَادَاتِ، وَلِذَلِكَ قَال ﷺ: الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ. (١)
وَالْغَالِبُ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ لاَ تَنْصَرِفَ قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﷿ إِلاَّ عِنْدَ إِلْمَامِ حَاجَةٍ وَإِرْهَاقِ مُلِمَّةٍ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ.
فَالْحَاجَةُ تُحْوِجُ إِلَى الدُّعَاءِ، وَالدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَلْبَ إِلَى اللَّهِ ﷿ بِالتَّضَرُّعِ وَالاِسْتِكَانَةِ، فَيَحْصُل بِهِ الذِّكْرُ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْعِبَادَاتِ.
وَلِذَلِكَ صَارَ الْبَلاَءُ مُوَكَّلًا بِالأَْنْبِيَاءِ ﵈، ثُمَّ الأَْوْلِيَاءِ، ثُمَّ الأَْمْثَل فَالأَْمْثَل، لأَِنَّهُ يَرُدُّ الْقَلْبَ بِالاِفْتِقَارِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ ﷿، وَيَمْنَعُ مِنْ نِسْيَانِهِ، وَأَمَّا الْغِنَى فَسَبَبٌ لِلْبَطَرِ فِي غَالِبِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى. (٢)
وَقَال الْخَطَّابِيُّ: فَإِنْ قِيل فَمَا تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (٣) وَهُوَ وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلاَ يَجُوزُ وُقُوعُ الْخُلْفِ فِيهِ؟ قِيل هَذَا مُضْمَرٌ فِيهِ الْمَشِيئَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بَل إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ﴾ (٤)
_________
(١) حديث: " الدعاء مخ العبادة ". سبق تخريجه ف / ٦
(٢) إحياء علوم الدين ١ / ٣٣٦ - ٣٣٧، ٣٣٩ ط الاستقامة بالقاهرة.
(٣) سورة غافر / ٦٠
(٤) سورة الأنعام / ٤١