الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ قَال: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الأَْشْرِبَةِ فِي ظُرُوفِ الأَْدَمِ فَاشْرَبُوا فِي كُل وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لاَ تَشْرَبُوا مُسْكِرًا وَفِي رِوَايَةٍ: نَهَيْتُكُمْ مِنَ الظُّرُوفِ وَإِنَّ الظُّرُوفَ - أَوْ ظَرْفًا - لاَ يُحِل شَيْئًا وَلاَ يُحَرِّمُهُ وَكُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ. (١)
قَال النَّوَوِيُّ: كَانَ الاِنْتِبَاذُ فِي الْمُزَفَّتِ وَالدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي أَوَّل الإِْسْلاَمِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصِيرَ مُسْكِرًا فِيهَا، وَلاَ يُعْلَمُ بِهِ لِكَثَافَتِهَا فَتَتْلَفُ مَالِيَّتُهُ، وَرُبَّمَا شَرِبَهُ الإِْنْسَانُ ظَانًّا أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا، فَيَصِيرُ شَارِبًا لِلْمُسْكِرِ، وَكَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِإِبَاحَةِ الْمُسْكِرِ فَلَمَّا طَال الزَّمَانُ وَاشْتَهَرَ تَحْرِيمُ الْمُسْكِرِ، وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ، نُسِخَ النَّهْيُ وَأُبِيحَ لَهُمُ الاِنْتِبَاذُ فِي كُل وِعَاءٍ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَشْرَبُوا مُسْكِرًا، وَهَذَا صَرِيحُ قَوْلِهِ ﷺ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ (٢) .
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ إِلَى كَرَاهَةِ الاِنْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵃ (٣)، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الاِنْتِبَاذِ فِي
_________
(١) حديث بريدة: " كنت نهيتكم عن الأشربة " أخرجه مسلم (٣ / ١٥٨٥ - ط الحلبي) بروايتيه.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١٣ / ١٥٩ ط المطبعة المصرية بالأزهر.
(٣) بداية المجتهد ١ / ٤٠٧، ٤٠٨ ط المكتبة التجارية، ونيل الأوطار ٨ / ١٨٤، وحاشية العدوي على شرح الرسالة ١ / ٣٩٠، والمغني ٨ / ٣١٨، والبناية ٩ / ٥٥٤.