الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
الْهَلَكَةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْعَهْدُ الْمُتَيَقَّنُ بِالظَّنِّ الَّذِي ظَهَرَتْ عَلاَمَاتُهُ لِلضَّرُورَةِ.
وَإِنَّمَا يُنْذِرُهُمُ الإِْمَامُ وُجُوبًا بِأَنَّهُ لاَ عَهْدَ لَهُمْ، فَإِنْ تَحَقَّقَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ بِلاَ إِنْذَارٍ (١) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيُجِيزُونَ لِلإِْمَامِ نَقْضَ الصُّلْحِ بَعْدَ أَنْ صَالَحَ أَهْل الْحَرْبِ مُدَّةً، وَالنَّبْذُ إِلَيْهِمْ، إِذَا رَأَى نَقْضَ الصُّلْحِ أَنْفَعَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْتَشْعِرْ خِيَانَتَهُمْ لأَِنَّهُ ﵊ نَبَذَ الْمُوَادَعَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْل مَكَّةَ (٢)، وَلأَِنَّ الْمَصْلَحَةَ لَمَّا تَبَدَّلَتْ كَانَ النَّبْذُ جِهَادًا. وَإِيفَاءُ الْعَهْدِ تَرْكُ الْجِهَادِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَلاَ بُدَّ مِنَ النَّبْذِ تَحَرُّزًا عَنِ الْغَدْرِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْعُمُومَاتِ (٣) .
وَيَنْقُل ابْنُ الْهُمَامِ الإِْجْمَاعَ عَلَى أَنَّ نَبْذَ الْمُوَادَعَةِ لاَ يَتَقَيَّدُ بِخُطُورِ الْخَوْفِ، لأَِنَّ الْمُهَادَنَةَ فِي الأَْوَّل مَا صَحَّتْ، إِلاَّ لأَِنَّهَا أَنْفَعُ، فَلَمَّا تَبَدَّل الْحَال عَادَ إِلَى الْمَنْعِ (٤) .
وَإِنْ بَدَءُوا بِخِيَانَةٍ قَاتَلَهُمُ الإِْمَامُ وَلَمْ يَنْبِذْ إِلَيْهِمْ
_________
(١) حاشية الدسوقي ٢٢ / ٢٠٦ ط الحلبي، وأحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٨٦٠.
(٢) حديث: " نبذ الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة ". ذكر قصتها البيهقي في دلائل النبوة (٥ / ٩ - ١٢ - ط دار الكتب العلمية) .
(٣) فتح القدير ٤ / ٢٩٤ ط الأميرية، والبناية ٥ / ٦٦٩ - ٦٧٠، وبدائع الصنائع ٧ / ١٠٩ ط الجمالية، وشرح السير الكبير ٥ / ١٧٠٩.
(٤) فتح القدير ٤ / ٢٩٤.