الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا - أَنْ يَسْتَبِدَّ بِإِبْرَامِ الْعَقْدِ أَوْ فَسْخِهِ دُونَ أَنْ يَفْتَقِرَ ذَلِكَ إِلَى مَشُورَتِهِ. لأَِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ مِنَ الْمُشَاوِرَةِ الْمُوَافَقَةُ، وَمُشْتَرِطُ الْمَشُورَةِ اشْتَرَطَ مَا يُقَوِّي بِهِ نَظَرَهُ.
أَمَّا إِذَا قَال: عَلَى خِيَارِ فُلاَنٍ أَوْ رِضَاهُ، فَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهَا أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فَلَيْسَ لِلْعَاقِدِ - بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا - أَنْ يَسْتَقِل بِإِبْرَامِ الْعَقْدِ أَوْ فَسْخِهِ، ذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ - أَوِ الرِّضَا - لِلأَْجْنَبِيِّ عِنْدَهُمْ لَيْسَ تَوْكِيلًا بَل هُوَ تَفْوِيضٌ، حَيْثُ إِنَّهُ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِهِ مُعْرِضٌ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ، وَقَدْ أَلْحَقُوا بِلَفْظِ الْخِيَارِ أَوِ الرِّضَا لَفْظَ الْمَشُورَةِ - السَّابِقَ ذِكْرُهُ - إِذَا جَاءَ مُقَيَّدًا بِمَا يَدْنُو بِهِ إِلَى هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مِثْل أَنْ يَقُول: عَلَى مَشُورَةِ فُلاَنٍ إِنْ شَاءَ أَمْضَى وَإِنْ شَاءَ رَدَّ، فَحُكْمُ هَذَا كَالْخِيَارِ وَالرِّضَا (١) . وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِاللَّفْظَيْنِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ أَلْفَاظٍ مُسْتَحْدَثَةٍ تُؤَدِّي الْمَعْنَى نَفْسَهُ كَالرَّغْبَةِ وَالرَّأْيِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي هَذَا اتِّجَاهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ حَتَّى يَقُول: اسْتَأْمَرْتُهُ فَأَمَرَنِي بِالْفَسْخِ، وَالاِتِّجَاهُ الآْخَرُ - وَعَلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ -: أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ اسْتِئْمَارُهُ، وَأَنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُثْبِتُونَ قَدْ جَاءَ بِقَصْدِ الاِحْتِيَاطِ لِئَلاَّ يَكُونَ كَاذِبًا. وَنَحْوُهُ مَا ذَكَرَ
_________
(١) الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٩٨، والخرشي ٤ / ٢٥.