الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
شَرَطَا خِيَارَ الْغَدِ دُونَ الْيَوْمِ، فَسَدَ الْعَقْدُ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَاهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمُقْتَضَى هُنَا: حُصُول آثَارِهِ مُبَاشَرَةً. هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، قَال النَّوَوِيُّ: (وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مُتَّصِلَةً بِالْعَقْدِ. لاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا عَنِ الْعَقْدِ) (١) لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ لاَ يُبْطِلُونَ هَذَا الْعَقْدَ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ نَظَرًا لِذَهَابِهِمْ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبُطْلاَنِ وَالْفَسَادِ، وَالْفَاسِدُ مِنَ الْعُقُودِ مُنْعَقِدٌ وَيَحْتَمِل بَعْضُهُ التَّصْحِيحَ، وَسَبِيل ذَلِكَ هُنَا اعْتِبَارُ الْمُدَّةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَ الْعَقْدِ وَبَيْنَ مَبْدَأِ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ مَشْمُولَةً بِالشَّرْطِ، فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ اشْتِرَاطَ خِيَارِ أَيَّامٍ غَيْرِ مُتَّصِلَةٍ بِالْعَقْدِ، مِثْل مَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ وَاشْتَرَطَ خِيَارَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ رَمَضَانَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ (الْيَوْمُ الآْخِرُ مِنْ رَمَضَانَ وَالْيَوْمَانِ مِمَّا بَعْدَهُ) .
وَهَكَذَا يُحْمَل كَلاَمُهُ عَلَى إِرَادَةِ الْمُدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ وَمَا بَعْدَهَا. أَمَّا إِذَا كَانَ الاِشْتِرَاطُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْحَمْل عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْفَسْخِ بِإِرَادَةِ كُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ وَبِإِرَادَةِ الْقَاضِي، وَمِثَالُهُ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - مَا لَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ لاَ خِيَارَ لَهُ فِي رَمَضَانَ، وَلَهُ كَذَا يَوْمًا مِمَّا بَعْدَهُ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ (٢) .
_________
(١) المجموع للنووي ٩ / ١٩١، والبدائع ٥ / ٣٠٠، والمغني ٣ / ٥٠٢.
(٢) الفتاوى الهندية ٣ / ٣٩، (نقلا عن فتاوى قاضيخان ٢ / ١٨٣)، والبحر الرائق ٦ / ٥.