الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ ذِكْرِ الْغَرَضِ يُحْمَل عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ الْمَشُورَةُ فَهِيَ مُفْتَرَضَةٌ دَائِمًا، إِلاَّ إِذَا صَرَّحَ بِأَنَّ غَرَضَهُ الاِخْتِبَارُ وَاشْتَرَطَ قَبْضَ السِّلْعَةِ. وَنَصُّ كَلاَمِ ابْنِ رُشْدٍ فِي هَذَا: (١) " اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ. وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إِنَّمَا يَشْتَرِطُ الْخِيَارَ لِلاِخْتِبَارِ، وَأَرَادَ قَبْضَ السِّلْعَةِ لِيَخْتَبِرَهَا، وَأَبَى الْبَائِعُ مِنْ دَفْعِهَا إِلَيْهِ وَقَال: إِنَّمَا لَكَ الْمَشُورَةُ إِذَا لَمْ تَشْتَرِطْ قَبْضَ السِّلْعَةِ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ لِلاِخْتِبَارِ، فَالْقَوْل قَوْل الْبَائِعِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا إِلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ". بَل ذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَتْ مِنَ الْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ فِي الْمُشْتَرِي طُول مُدَّةِ الْخِيَارِ إِذْ يُحْتَمَل أَنَّهُ فَسْخٌ فِي الأَْجَل لِلْمَشُورَةِ الدَّقِيقَةِ.
وَهُنَاكَ ثَمَرَةٌ عَمَلِيَّةٌ أُخْرَى لِتَحْدِيدِ الْغَرَضِ مِنَ الْخِيَارِ (دُونَ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَشُورَةِ أَوِ الاِخْتِبَارِ، أَوِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا) تِلْكَ هِيَ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ - وَهُوَ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ مَلْحُوظٌ فِيهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ - شَدِيدُ الاِرْتِبَاطِ بِالْغَرَضِ مِنَ الْخِيَارِ فَإِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِي إِجَازَةِ الْمَبِيعِ عَلَى الْخِيَارِ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَى الْمَشُورَةِ فِيهِ، أَوِ الاِخْتِبَارِ، فَحَدُّهُ قَدْرُ مَا يُخْتَبَرُ فِيهِ الْمَبِيعُ، وَيُرْتَأَى فِيهِ وَيُسْتَشَارُ، عَلَى اخْتِلاَفِ أَجْنَاسِهِ وَإِسْرَاعِ التَّغَيُّرِ إِلَيْهِ وَإِبْطَائِهِ عَنْهُ. . فَأَمَدُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ إِنَّمَا هُوَ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الاِخْتِبَارِ وَالاِرْتِيَاءِ مَعَ
_________
(١) المقدمات لابن رشد ٥ / ٥٥٨.