الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -

حَاجَتِهِ فِي الشِّرَاءِ، وَذَلِكَ لِلتَّرْفِيهِ عَنِ الْمُتَعَاقِدِ لِتَحْصِيل مَصْلَحَةٍ يَحْرِصُ عَلَيْهَا. وَالتَّرَوِّي سَبِيلُهُ أَمْرَانِ: (الْمَشُورَةُ) لِلْوُصُول إِلَى الرَّأْيِ الْحَمِيدِ، أَوِ الاِخْتِبَارُ وَهُوَ تَبَيُّنُ خَبَرِ الشَّيْءِ بِالتَّجْرِبَةِ أَوِ الاِطِّلاَعِ التَّامِّ عَلَى كُنْهِهِ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: " وَالْخِيَارُ يَكُونُ لِوَجْهَيْنِ: لِمَشُورَةٍ وَاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ، أَوْ لأَِحَدِ الْوَجْهَيْنِ (١) . وَيَقُول بَعْدَئِذٍ: الْعِلَّةُ فِي إِجَازَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ وَحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى الْمَشُورَةِ فِيهِ، أَوِ الاِخْتِيَارِ (٢) ".

عَلَى أَنَّ تَعَدُّدَ الْغَرَضِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَقْصِدَ الْمَشُورَةَ وَالاِخْتِبَارَ مَعًا " وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُشْتَرِي، أَمَّا الْبَائِعُ فَلاَ يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ إِلاَّ كَوْنُ الْغَرَضِ الْمَشُورَةَ، لأَِنَّ الْمُبَادَلَةَ مِنْهُ تَهْدِفُ إِلَى الثَّمَنِ، وَالثَّمَنُ لاَ مَجَال لاِخْتِبَارِهِ غَالِبًا، إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُرَاجِعَ الْبَائِعُ مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي كَوْنِ الثَّمَنِ مُتَكَافِئًا مَعَ الْمَبِيعِ فَلاَ غَبْنَ وَلاَ وَكْسَ.

وَالتَّرَوِّي - كَمَا يَقُول الْحَطَّابُ - لاَ يَخْتَصُّ بِالْمَبِيعِ فَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا فِي الثَّمَنِ، أَوْ فِي أَصْل الْعَقْدِ. (٣)

وَثَمَرَةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إِذَا كَانَ الْغَرَضُ مِنَ الْخِيَارِ الاِخْتِبَارَ، فَإِذَا بَيَّنَ الْغَرَضَ مِنَ الْخِيَارِ عُومِل حَسْبَ بَيَانِهِ، أَمَّا إِنْ سَكَتَ عَنِ الْبَيَانِ، فَقَدْ قَرَّرَ

_________

(١) المقدمات ٢ / ٥٥٧.

(٢) المقدمات ٢ / ٥٥٩.

(٣) الحطاب على خليل ٤ / ٤١٤.