الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
وَالتَّغْرِيقِ وَالْقَتْل بِالْمُثَقَّل، لأَِنَّهُ لَيْسَ عَمْدًا، بَل شِبْهَ عَمْدٍ، وَقَال: الْعَمْدُ مَا تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِالْحَدِيدِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ وَالْخِنْجَرِ وَالنُّشَّابَةِ وَالإِْبْرَةِ وَالإِْشْفَى. (١) وَنَحْوِهَا مِمَّا يُفَرِّقُ أَجْزَاءَ الْبَدَنِ. وَذَلِكَ لأَِنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لاَ يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِدَلِيلِهِ مِنِ اسْتِعْمَال آلَةٍ مُعَدَّةٍ لِلْقَتْل، فَلاَ قَوَدَ فِي الْقَتْل بِالْخَنْقِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرْبَهُ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ مُعَدَّةٍ لِلْقَتْل. (٢)
هَذَا إِذَا لَمْ يَتَكَرَّرِ الْقَتْل بِالْخَنْقِ، أَمَّا إِذَا اعْتَادَ الْخَنْقَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَلَوْ مَرَّتَيْنِ قُتِل بِهِ بِلاَ خِلاَفٍ، إِلاَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَال: مَنْ خَنَقَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ قُتِل سِيَاسَةً (٣) لِسَعْيِهِ فِي الأَْرْضِ بِالْفَسَادِ (٤) .
٤ - هَذَا، وَإِذَا حُكِمَ فِي الْخَنْقِ بِالْقِصَاصِ فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْجَانِيَ (الْخَانِقَ) لاَ يُقْتَصُّ مِنْهُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ قَوَدَ إِلاَّ بِالسَّيْفِ (٥) وَلأَِنَّ الْقَصْدَ
_________
(١) اِلإشفى مخرز الإسكافي.
(٢) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٣٩، ٣٤٩، والاختيار ٥ / ٢٩.
(٣) السياسة في الأصل استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا والآخرة. وفي باب الزجر والتأديب عرفها بعضهم بأنها تغليظ جناية لها حكم شرعي حسمًا لمادة الفساد، والظاهر أن السياسة والتعزير مترادفان.، (ابن عابدين ٣ / ١٤٧، ١٤٨) .
(٤) ابن عابدين ٣ / ٢١٥، ٥ / ٣٤٩.
(٥) حديث: " لا قود إلا بالسيف ". أخرجه ابن ماجه (٢ / ٨٨٩ -. ط الحلبي) من حديث النعمان بن بشير، ومن حديث أبي بكرة، وأورده ابن حجر في التلخيص (٤ / ١٩ - شركة الطباعة الفنية)، ونقل عن عبد الحق الأشبيلي أنه قال: " طرقه كلها ضعيفة " وعن البيهقي أنه قال: " لم يثبت له إسناد ".