الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ -
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١) . وَالضَّمِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ رَاجِعٌ إِلَى الْخِنْزِيرِ فَيَدُل عَلَى تَحْرِيمِ عَيْنِ الْخِنْزِيرِ وَجَمِيعِ أَجْزَائِهِ.
وَذَلِكَ لأَِنَّ الضَّمِيرَ إِذَا صَلَحَ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمُضَافِ وَهُوَ " اللَّحْمُ " وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ وَهُوَ " الْخِنْزِيرُ " جَازَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِمَا.
وَعَوْدُهُ إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ أَوْلَى فِي هَذَا الْمَقَامِ لأَِنَّهُ مَقَامُ تَحْرِيمٍ، لأَِنَّهُ لَوْ عَادَ إِلَى الْمُضَافِ وَهُوَ اللَّحْمُ لَمْ يَحْرُمْ غَيْرُهُ، وَإِنْ عَادَ إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ حَرُمَ اللَّحْمُ وَجَمِيعُ أَجْزَاءُ الْخِنْزِيرِ.
فَغَيْرُ اللَّحْمِ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ وَأَنْ لاَ يَحْرُمَ فَيَحْرُمُ احْتِيَاطًا وَذَلِكَ بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ إِلَيْهِ طَالَمَا أَنَّهُ صَالِحٌ لِذَلِكَ، وَيُقَوِّي إِرْجَاعَ الضَّمِيرِ إِلَى " الْخِنْزِيرِ " أَنَّ تَحْرِيمَ لَحْمِهِ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْخِنْزِيرَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّذْكِيَةِ فَيَنْجَسُ لَحْمُهُ بِالْمَوْتِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ عَيْنِ الْخِنْزِيرِ حَال الْحَيَاةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الأَْصْل فِي كُل حَيٍّ الطَّهَارَةُ، وَالنَّجَاسَةُ عَارِضَةٌ، فَطَهَارَةُ عَيْنِهِ بِسَبَبِ الْحَيَاةِ، وَكَذَلِكَ طَهَارَةُ عَرَقِهِ وَلُعَابِهِ وَدَمْعِهِ وَمُخَاطِهِ (٢) .
وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ عَيْنِ الْخِنْزِيرِ::
_________
(١) سورة الأنعام / ١٤٥.
(٢) الشرح الصغير ١ / ٤٣.