الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
وَقَدْ أَوْرَدُوا فِي الدُّهْنِ وَأَشْبَاهِهِ الاِسْتِدْلاَل بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: مَنِ الْحَاجُّ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: الشَّعِثُ التَّفِل. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (١) .
وَالشَّعِثُ: بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْوَصْفُ، وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ، وَمَعْنَاهُ انْتِشَارُ الشَّعْرِ وَتَغَبُّرُهُ لِقِلَّةِ التَّعَهُّدِ. وَالتَّفِل: مِنَ التُّفْل، وَهُوَ تَرْكُ الطِّيبِ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ (٢) . فَشَمِل بِذَلِكَ تَرْكَ الدُّهْنِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ (٣) وَالْمَالِكِيَّةُ (٤) يُحْظَرُ عَلَى الْمُحْرِمِ اسْتِعْمَال الدُّهْنِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَعَامَّةِ بَدَنِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عُمُومِ الاِسْتِدْلاَل فِيمَا سَبَقَ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ (٥) يُحْظَرُ دَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ وَاللِّحْيَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ كَانَ أَصْلَعَ جَازَ دَهْنُ رَأْسِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَا مَحْلُوقَيْنِ فَيُحْظَرُ دَهْنُهُمَا؛ لأَِنَّهُ يُزَيِّنُهُمَا إِذَا نَبَتَا.
وَيُبَاحُ لَهُ دَهْنُ مَا عَدَا الرَّأْسَ وَاللِّحْيَةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا، وَلاَ يُحْظَرُ، ظَاهِرًا كَانَ أَوْ بَاطِنًا، وَيُبَاحُ سَائِرُ شُعُورِ بَدَنِهِ، وَيُبَاحُ لَهُ أَكْل الدُّهْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبَ اللِّحْيَةَ أَوِ الشَّارِبَ أَوِ الْعَنْفَقَةَ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي
_________
(١) الترمذي في تفسير سورة آل عمران ٥ / ٢٢٥، وابن ماجه (باب ما يوجب الحج) وقال الترمذي " هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن عمر إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي، وقد تكلم بعض أهل الحديث في إبراهيم بن يزيد من قبل حفظه ".
(٢) العناية على الهداية ٢ / ١٤١، ونحوه في النهاية في مريب الحديث مادة (تفل) و(شعث)
(٣) شرح اللباب ص ٨١
(٤) شرح الكبير وحاشيته ٢ / ٦٠، ٦١
(٥) النهاية للرملي ٢ / ٤٥٣، ٤٥٤