الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - إحراق - ما يحرق للغال وما لا يحرق
مَا يُحْرَقُ لِلْغَال وَمَا لاَ يُحْرَقُ
٣٥ - الْغَال هُوَ الَّذِي يَكْتُمُ مَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَلاَ يُطْلِعُ الإِْمَامَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَضُمُّهُ إِلَى الْغَنِيمَةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْرِيقِ مَال الْغَال لِلْغَنِيمَةِ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَاللَّيْثُ: لاَ يُحْرَقُ مَالُهُ. وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْل النَّبِيِّ ﷺ وَعَدَمِ تَحْرِيقِهِ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: جَاءَ رَجُلٌ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ هَذَا فِيمَا كُنَّا أَصَبْنَا مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَقَال: سَمِعْتَ بِلاَلًا نَادَى ثَلاَثًا؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟ فَاعْتَذَرَ. فَقَال؛ كُنْ أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (١) . وَلأَِنَّ إِحْرَاقَ الْمَتَاعِ إِضَاعَةٌ لَهُ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَال (٢) وَقَال بِإِحْرَاقِ مَال الْغَال الْحَنَابِلَةُ وَفُقَهَاءُ الشَّامِ، مِنْهُمْ مَكْحُولٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ.
وَقَدْ أُتِيَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِغَالٍّ فَجَمَعَ مَالَهُ وَأَحْرَقَهُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَاضِرُ ذَلِكَ فَلَمْ يَعِبْهُ (٣) قَال يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: السُّنَّةُ فِي الَّذِي يَغُل أَنْ يُحْرَقَ رَحْلُهُ. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ.
وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ أَرْضَ الرُّومِ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ غَل، فَسَأَل سَالِمًا عَنْهُ، فَقَال: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: إِذَا وَجَدْتُمُ الرَّجُل قَدْ غَل فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ وَاضْرِبُوهُ. قَال: فَوَجَدْنَا فِي مَتَاعِهِ
_________
(١) سكت عنه المنذري وصححه الحاكم (نيل الأوطار ٧ / ٣١٨)
(٢) حديث النهي عن إضاعة المال: متفق عليه.
(٣) صوابه " مسلمة بن عبد الملك ". وفي سنده إسحاق بن عبد الله، وهو متروك (تقريب التهذيب) .