الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
حَال الضَّرُورَةِ. وَقِيل: التَّحْرِيقُ وَاجِبٌ، وَرَجَحَ.
وَقَال اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانُوا يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ قَبْل فَسَادِهِ وَجَبَ التَّحْرِيقُ، وَإِلاَّ لَمْ يَجِبْ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ انْتِفَاعِهِمْ بِهِ، وَقَدْ حَصَل بِالإِْحْرَاقِ.
٣٤ - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَعَامَّةُ أَهْل الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ: لاَ يَجُوزُ فِي غَيْرِ حَال الْحَرْبِ عَقْرُ الدَّوَابِّ وَإِحْرَاقُ النَّحْل وَبُيُوتِهِ لِمُغَايَظَةِ الْكُفَّارِ وَالإِْفْسَادِ عَلَيْهِمْ، سَوَاءٌ خِفْنَا أَخْذَهُمْ لَهَا أَوْ لَمْ نَخَفْ.
وَذَلِكَ بِخِلاَفِ حَال الْحَرْبِ حَيْثُ يَجُوزُ قَتْل الْمُشْرِكِينَ وَرَمْيُهُمْ بِالنَّارِ، فَيَجُوزُ إِتْلاَفُ الْبَهَائِمِ؛ لأَِنَّهُ يُتَوَصَّل بِإِتْلاَفِ الْبَهَائِمِ إِلَى قَتْل الأَْعْدَاءِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْل وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ (١) . وَلأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ قَال فِي وَصِيَّتِهِ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، حِينَ بَعَثَهُ أَمِيرًا: يَا يَزِيدُ لاَ تَقْتُل صَبِيًّا وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ هَرِمًا، وَلاَ تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلاَ تَعْقِرَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلاَ دَابَّةً عَجْمَاءَ، وَلاَ شَاةً إِلاَّ لِمَأْكَلَةٍ، وَلاَ تُحَرِّقَنَّ نَحْلًا وَلاَ تُغْرِقَنَّهُ، وَلاَ تَغْلُل وَلاَ تَجْبُنْ (٢) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ قَتْل شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْرًا (٣) وَلأَِنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو حُرْمَةٍ فَلَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ لِغَيْظِ الْمُشْرِكِينَ (٤)
_________
(١) وهذا ما ذكره الفقهاء، وهو مناسب لعصرهم، واللجنة ترى أن لقائد الجيش أن يتصرف بما يراه مصلحة للمسلين بجلب النفع والضرر في حدود القواعد العامة للشريعة.
(٢) وصية أبي بكر في الموطأ (٢ / ٤٤٨) والبيهقي روايته مرسلة (نيل الأوطار ٨ / ٧٥)
(٣) متفق عليه (نيل الأوطار ٨ / ٩٠)
(٤) فتح القدير ٤ / ٣٠٨، ٣٠٩ ابن عابدين ٤ / ١٤٠، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٨١، ونهاية المحتاج ٨ / ٦٤، والمغني ١٠ / ٥٠٦