الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - إحداد - من تحد ومن لا تحد
الزَّوْجِيَّةَ أَقْدَسُ رِبَاطٍ، فَلاَ يَصِحُّ شَرْعًا وَلاَ أَدَبًا أَنْ تَنْسَى ذَلِكَ الْجَمِيل، وَتَتَجَاهَل حَقَّ الزَّوْجِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا. وَلَيْسَ مِنَ الْوَفَاءِ أَنْ يَمُوتَ زَوْجُهَا مِنْ هُنَا، ثُمَّ تَنْغَمِسُ فِي الزِّينَةِ وَتَرْتَدِي الثِّيَابَ الزَّاهِيَةَ الْمُعَطَّرَةَ، وَتَتَحَوَّل عَنْ مَنْزِل الزَّوْجِيَّةِ، كَأَنَّ عِشْرَةً لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَبْل الإِْسْلاَمِ تُحِدُّ عَلَى زَوْجِهَا حَوْلًا كَامِلًا تَفَجُّعًا وَحُزْنًا عَلَى وَفَاتِهِ، فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
هَكَذَا قَرَّرَ عُلَمَاءُ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ فِيمَا يُسْتَخْلَصُ مِنْ كَلاَمِهِمْ عَلَى أَحْكَامِ الإِْحْدَادِ. فَقَدْ ذَكَرُوا " أَنَّ الْحِدَادَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، إِظْهَارًا لِلتَّأَسُّفِ عَلَى مَمَاتِ زَوْجٍ وَفَّى بِعَهْدِهَا، وَعَلَى انْقِطَاعِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ، وَهِيَ لَيْسَتْ نِعْمَةً دُنْيَوِيَّةً فَحَسْبُ، وَلَكِنَّهَا أَيْضًا أُخْرَوِيَّةٌ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ مِنْ أَسْبَابِ النَّجَاةِ فِي الْمَعَادِ وَالدُّنْيَا " وَشُرِعَ الإِْحْدَادُ أَيْضًا؛ لأَِنَّهُ يَمْنَعُ تَشَوُّفَ الرِّجَال إِلَيْهَا؛ لأَِنَّهَا إِذَا تَزَيَّنَتْ يُؤَدِّي إِلَى التَّشَوُّفِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى الْوَطْءِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى اخْتِلاَطِ الأَْنْسَابِ، وَهُوَ حَرَامٌ. وَمَا أَدَّى إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ (١) ".
مَنْ تُحِدُّ وَمَنْ لاَ تُحِدُّ؟
١٠ - تَبَيَّنَ فِيمَا سَبَقَ مَنْ يُطْلَبُ مِنْهَا الإِْحْدَادُ فِي الْجُمْلَةِ. وَهُنَاكَ حَالاَتٌ وَقَعَ فِيهَا خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، مِنْهَا: الْكِتَابِيَّةُ زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ، وَالصَّغِيرَةُ.
١١ - أَمَّا الْكِتَابِيَّةُ فَقَدْ ذَهَبَ مَالِكٌ - فِي رِوَايَةِ
_________
(١) حاشية سعدي جلبي على شرح فتح القدير ٣ / ٢٩١ ط المطبعة الأميرية - بولاق القاهرة ١٣١٦ هـ.