الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
فَالآْيَاتُ وَالأَْحَادِيثُ تَأْمُرُ بِالْوَفَاءِ بِكُل عَقْدٍ وَشَرْطٍ لاَ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، وَلاَ سُنَّةَ رَسُولِهِ ﷺ. وَبِخُصُوصِ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ ﵁ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ قَدْ أَعْيَا، فَضَرَبَهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ. فَقَال: بِعْنِيهِ. فَبِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلاَنَهُ إِلَى أَهْلِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ تَأْجِيل تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَتْرَةً يَنْتَفِعُ فِيهَا الْبَائِعُ بِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُهُ إِلَى الْمُشْتَرِي. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ ﷺ نَهَى عَنِ الثُّنْيَا أَيِ الاِسْتِثْنَاءِ إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ، وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ تَأْخِيرُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَصَحَّ (١) .
الثَّانِي: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، عَدَمَ صِحَّةِ اشْتِرَاطِ تَأْجِيل تَسْلِيمِ الْعَيْنِ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (٢)، وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنَ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ. وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنَّكَ إِنْ بِعْتَهَا فَهِيَ لِي بِالثَّمَنِ. فَاسْتَفْتَى عُمَرَ ﵁، فَقَال " لاَ تَقْرَبْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لأَِحَدٍ وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اشْتَرَى جَارِيَةً
_________
(١) كشاف القناع ٣ / ١٩٠ ط الرياض.
(٢) حديث " نهى عن بيع وشرط " قال ابن حجر: بيض له الرافعي في التذنيب، واستغربه النووي. وقد رواه ابن حزم في المحلى، والخطابي في المعالم، والطبراني في الأوسط، والحاكم في علوم الحديث في قصة طويلة مشهورة، ونقل عن ابن أبي الفوارس أنه قال: غريب، ورواه أصحاب السنن إلا ابن ماجه، وابن حبان والحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: " لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع " (تلخيص الحبير ٣ / ١٢)