الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
١٠ - وَقَدْ يَكُونُ الإِْذْنُ مِنَ الشَّارِعِ رَفْعًا لِلْحَرَجِ وَدَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ؛ لأَِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى التَّكْلِيفِ بِالشَّاقِّ وَالإِْعْنَاتِ فِيهِ وَالنُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ (١)، وَقَوْلُهُ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (٢)، وَقَوْلُهُ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ (٣) .
كَذَلِكَ وَرَدَ أَنَّ الرَّسُول ﷺ مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، وَكَانَ ﷺ يَنْهَى عَنِ الْوِصَال فِي الْعِبَادَةِ وَيَقُول: خُذُوا مِنَ الأَْعْمَال مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَل حَتَّى تَمَلُّوا. (٤)
وَعَلَى هَذَا الأَْسَاسِ كَانَ الإِْذْنُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ. وَلَقَدْ نُقِل عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ مَنْعُ الصَّوْمِ إِذَا خَافَ التَّلَفَ بِهِ وَأَنَّهُ لاَ يُجْزِئُهُ إِنْ فَعَل، وَنُقِل الْمَنْعُ فِي الطَّهَارَةِ عِنْدَ خَوْفِ التَّلَفِ وَالاِنْتِقَال إِلَى التَّيَمُّمِ. وَالدَّلِيل عَلَى الْمَنْعِ قَوْلُهُ: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ (٥)، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ النَّاذِرِ لِلصِّيَامِ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ حَيْثُ قَال النَّبِيُّ ﷺ حِينَ عَلِمَ بِذَلِكَ: مُرُوهُ فَلْيَسْتَظِل
_________
(١) سورة البقرة / ٢٨٦
(٢) سورة البقرة / ١٨٥
(٣) سورة النساء / ٢٨
(٤) حديث " خذوا من. . " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له (فتح الباري ٤ / ٢١٣ ط السلفية وصحيح مسلم ٢ / ٨١١ - الحديث رقم ١٧٧ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي) .
(٥) سورة النساء / ٢٩