الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
بِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْمَشْهُورِ إِنَّكَ إِنْ تَدَعْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ (١) . وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ ادِّخَارَ شَيْءٍ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ الْوَاجِبَةِ مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا خَيْرٌ مِنْ عَدَمِ التَّرْكِ.
وَذَهَبَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ ﵁ (٢) إِلَى أَنَّ ادِّخَارَ الْمَال الزَّائِدِ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِهِ - مِنْ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ - هُوَ ادِّخَارٌ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ وَكَانَ ﵁ يُفْتِي بِذَلِكَ، وَيَحُثُّ النَّاسَ عَلَيْهِ، فَنَهَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ﵄ وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى الشَّامِ - عَنْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ خَافَ أَنْ يَضُرَّهُ النَّاسُ فِي هَذَا، فَلَمْ يَتْرُكْ دَعْوَةَ النَّاسِ إِلَى ذَلِكَ، فَشَكَاهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَاسْتَقْدَمَهُ عُثْمَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، وَأَنْزَلَهُ الرَّبَذَةَ، فَبَقِيَ فِيهَا إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ ﵁ يَحْتَجُّ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بِجُمْلَةٍ مِنَ الأَْدِلَّةِ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، وَيَقُول: إِنَّ هَذِهِ الآْيَةَ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ.
وَيَحْتَجُّ بِمَا رَوَاهُ الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّهُ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل الصُّفَّةِ، وَتَرَكَ دِينَارَيْنِ، أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: كَيَّتَانِ، صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ (٣) وَبِمَا رَوَاهُ
_________
(١) حديث " إنك إن تدع. . . " أخرجه البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص (صحيح البخاري ٤ / ٣ ط صبيح)
(٢) طبقات ابن سعد ٤ / ٢٢٦، مع التصرف.
(٣) حديث " كيتان صلوا. . " أخرجه الإمام أحمد وفي مجمع الزوائد (١٠ / ٢٤٠): رواه أحمد وابنه عبد الله وقال: دينارًا أو درهمًا، والبزار كذلك وفيه عتيبة الضرير وهو مجهول، وبقية رجاله وثقوا. وقال أحمد شاكر: إسناده ضعيف (مسند أحمد بن حنبل ٢ / ٧٨٨) ط دار المعارف سنة ١٣٦٨هـ.)