الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
يُسْتَشْهَدَ. (١) وَلأَِنَّ أَدَاءَهَا حَقٌّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، فَلاَ يُسْتَوْفَى إِلاَّ بِرِضَاهُ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الشَّهَادَةِ بِأَنَّ الشَّاهِدَ تَحَمَّلَهَا اسْتُحِبَّ لِمَنْ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ إِعْلاَمُ رَبِّ الشَّهَادَةِ بِهَا.
وَإِذَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ مُتَعَلِّقَةً بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا سِوَى الْحُدُودِ، كَالطَّلاَقِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَسْبَابِ الْحُرُمَاتِ فَيَلْزَمُهُ الأَْدَاءُ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الأَْدَاءِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ.
وَأَمَّا فِي أَسْبَابِ الْحُدُودِ مِنَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَالسَّتْرُ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (٢)، وَلأَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِدَرْءِ الْحَدِّ. وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الأَْوْلَى السَّتْرُ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْجَانِي مُتَهَتِّكًا، وَبِمِثْل ذَلِكَ قَال الْمَالِكِيَّةُ (٣) .
٢٧ - وَإِذَا وَجَبَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى إِنْسَانٍ وَلَكِنَّهُ عَجَزَ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ، كَأَنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ كَانَ سَيَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَلاَ يَلْزَمُهُ الأَْدَاءُ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ (٤)﴾، وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ
_________
(١) أخرجه البخاري (٧ / ٣ ط السلفية) .
(٢) أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه (الفتح الكبير ٣ / ٢٤٣) ورواه البخاري بلفظ مقارب.
(٣) حاشية ابن عابدين على الدر ٤ / ٣٨٧ ط بولاق الثالثة والبدائع ٦ / ٢٨٢ ط الجمالية ومغني المحتاج ٤ / ٤٥١ ط مصطفى الحلبي والشرح الصغير ٤ / ٢٤٩ ط دار المعارف والمغني ٩ / ١٤٧، ٢٠٦ ط الرياض الحديثة والمهذب للشيرازي ٢ / ٣٢٣ وكشاف القناع ٦ / ٤٠٦ ط الرياض والدسوقي ٤ / ١٧٥
(٤) سورة البقرة / ٢٨٢