الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - إخلاف - الحكم التكليفي للإخلاف

غَيْرَ الْعَهْدِ، فَخَصَّ الْعَهْدَ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ حَرَّمَهُ، وَجَعَل الْوَعْدَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلإِْخْلاَفِ:

٤ - عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعَهْدِ وَالْوَعْدِ يَكُونُ إِخْلاَفُ الْعَهْدِ حَرَامًا أَمَّا الإِْخْلاَفُ بِالْوَعْدِ فَقَدْ قَال النَّوَوِيُّ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ وَعَدَ إِنْسَانًا شَيْئًا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ وَهَل ذَلِكَ وَاجِبٌ أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ فِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَهُمْ. ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، فَلَوْ تَرَكَهُ فَاتَهُ الْفَضْل وَارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ شَدِيدَةٍ، وَلَكِنْ لاَ يَأْثَمُ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، قَال الإِْمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ: أَجَل مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

قَال: وَذَهَبَتِ الْمَالِكِيَّةُ مَذْهَبًا ثَالِثًا أَنَّهُ إِنِ ارْتَبَطَ الْوَعْدُ بِسَبَبٍ كَقَوْلِهِ: تَزَوَّجْ وَلَكَ كَذَا، أَوِ احْلِفْ أَنَّكَ لاَ تَشْتُمْنِي وَلَكَ كَذَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَجَبَ الْوَفَاءُ، وَإِنْ كَانَ وَعْدًا مُطْلَقًا لَمْ يَجِبْ. وَاسْتَدَل مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ، وَالْهِبَةُ لاَ تَلْزَمُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: تَلْزَمُ قَبْل الْقَبْضِ (١) .

هَذَا، وَإِنَّ مَنْ وَعَدَ وَفِي نِيَّتِهِ الإِْخْلاَفُ فَهُوَ آثِمٌ قَطْعًا، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. (٢)

_________

(١) الأذكار ص / ٢٨١، ٢٨٢

(٢) حديث: آية المنافق ثلاث، متفق عليه (اللؤلؤ والمرجان ص ١٢)