الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - اختلاف الدين - من أهم الأحكام التي تبنى على اختلاف الدين - العقل (حمل الدية)
الْمَالِكِيَّةَ يَقْصُرُونَ نَفَقَةَ الأُْصُول وَالْفُرُوعِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ، وَلاَ يُوجِبُونَهَا لِلأَْجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَوَلَدِ الْبَنِينَ. وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْهُمَامِ الْحَرْبِيِّينَ مِنْهُمْ فَلاَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ؛ لأَِنَّا نُهِينَا عَنِ الْبِرِّ فِي حَقِّ مَنْ يُقَاتِلُنَا فِي الدِّينِ.
وَدَلِيل هَذَا الاِتِّجَاهِ أَنَّ هَذَا الْقَرِيبَ يُعْتَقُ عَلَى قَرِيبِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ هُنَا بِحَقِّ الْجُزْئِيَّةِ وَالْبَعْضِيَّةِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، وَلاَ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ الدِّينِ، وَجُزْءُ الْمَرْءِ فِي مَعْنَى نَفْسِهِ.
وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي: لاَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ مَعَ اخْتِلاَفِ الدِّينِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ. وَدَلِيلُهُ أَنَّهَا مُوَاسَاةٌ تَجِبُ عَلَى سَبِيل الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، فَلَمْ تَجِبْ مَعَ اخْتِلاَفِ الدِّينِ كَنَفَقَةِ غَيْرِ عَمُودَيِ النَّسَبِ؛ وَلأَِنَّهُمَا غَيْرُ مُتَوَارِثَيْنِ، فَلَمْ يَجِبْ لأَِحَدِهِمَا نَفَقَةٌ عَلَى الآْخَرِ (١) .
ح - الْعَقْل (حَمْل الدِّيَةِ):
١١ - اخْتِلاَفُ الدِّينِ بِالإِْسْلاَمِ وَالْكُفْرِ يَمْنَعُ الْعَقْل، فَلاَ يَعْقِل كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ وَلاَ مُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ، بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، حَتَّى لَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ بَيْتَ مَال الْمُسْلِمِينَ يَعْقِل عَنِ الْمُسْلِمِ إِنْ عَجَزَتْ عَاقِلَتُهُ، وَلاَ يَعْقِل عَنْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ، أَوْ مُرْتَدٍّ؛ لاِخْتِلاَفِ الدِّينِ. ثُمَّ قَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لاَ يَعْقِل يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ يَهُودِيٍّ. وَخَالَفَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، فَالْكُفَّارُ عِنْدَهُمْ يَتَعَاقَلُونَ وَإِنِ
_________
(١) بدائع الصنائع ٤ / ٣٦، وفتح القدير ٣ / ٣٤٨ ط بولاق، وحاشية الدسوقي ٢ / ٥٢٢، ونهاية المحتاج ٧ / ٢٠٨، والمغني ٩ / ٢٥٩