الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - اختلاف - الاختلاف في الأمور الاجتهادية (علم الخلاف) - الصلاة خلف المخالف في أحكامها
فَاضَل بَيْنَ النَّاسِ بِحَسَبِ سَابِقَتِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ. وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَنْقُضَ حِمَى مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ؛ لأَِنَّهُ يَتْبَعُ الْمَصْلَحَةَ، وَالْمَصْلَحَةُ قَدْ تَتَغَيَّرُ.
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: " إِذَا رَأَى الإِْمَامُ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِل فَلِلثَّانِي تَغْيِيرُهُ حَيْثُ كَانَ مِنَ الأُْمُورِ الْعَامَّةِ. وَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ نَقْضِ الاِجْتِهَادِ بِالاِجْتِهَادِ، لأَِنَّ هَذَا حُكْمٌ يَدُورُ مَعَ الْمَصْلَحَةِ، فَإِذَا رَآهَا الثَّانِي وَجَبَ اتِّبَاعُهَا ". (١)
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِذَا كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِل الاِجْتِهَادِ الَّتِي شَاعَ فِيهَا النِّزَاعُ لَمْ يَكُنْ لأَِحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الإِْمَامِ وَلاَ عَلَى نَائِبِهِ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلاَ يَنْقُضُ مَا فَعَلَهُ الإِْمَامُ وَنُوَّابُهُ مِنْ ذَلِكَ. (٢)
وَمَعَ هَذَا يَذْكُرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالأُْمَرَاءِ لَيْسَ مَعْصُومًا، وَلِهَذَا يَسُوغُ لَنَا أَنْ نُبَيِّنَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَيَانُ خَطَأِ مَنْ أَخْطَأَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالأُْمَرَاءِ (٣) .
الصَّلاَةُ خَلْفَ الْمُخَالِفِ فِي أَحْكَامِهَا:
٣٠ - وَرَدَ عَنِ الأَْئِمَّةِ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَأْتَمُّ بِمَنْ يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ فِي أَحْكَامِ الصَّلاَةِ، وَلَوْ كَانَ يَرَى أَنَّ مِثْل ذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلصَّلاَةِ، أَوْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ. لأَِنَّهُ لَمَّا كَانَ الإِْمَامُ مُجْتَهِدًا اجْتِهَادًا سَائِغًا، أَوْ مُقَلِّدًا تَقْلِيدًا سَائِغًا، فَإِنَّ الاِنْفِرَادَ عَنْهُ نَوْعٌ مِنَ الْفُرْقَةِ، وَاخْتِلاَفُ
_________
(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم بحاشية الحموي. وانظر الأشباه والنظائر للسيوطي من الشافعية ص ٩٤ نشر المكتبة التجارية.
(٢) مجموع الفتاوى ٣٠ / ٤٠٧
(٣) مجموع الفتاوى ١٩ / ١٢٣، ١٢٤