الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - اختلاف - الاختلاف في الأمور الاجتهادية (علم الخلاف) - ارتفاع الخلاف بتصرف الإمام أو نائبه

وَهَذِهِ إِحْدَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ، وَتُعَنْوَنُ عَادَةً بِعُنْوَانِ (الاِجْتِهَادُ لاَ يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ) وَعِلَّتُهَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ لاَ يَسْتَقِرَّ حُكْمٌ، وَفِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَلَوْ نُقِضَ لَنُقِضَ النَّقْضُ أَيْضًا. وَلأَِنَّهُ لَيْسَ الثَّانِي بِأَقْوَى مِنَ الأَْوَّل. وَقَدْ تَرَجَّحَ الأَْوَّل بِاتِّصَال الْقَضَاءِ بِهِ، فَلاَ يُنْقَضُ بِمَا هُوَ دُونَهُ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إِجْمَاعِيَّةٌ. وَقَدْ حَكَمَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ فِي مَسَائِل، وَخَالَفَهُ فِيهَا بَعْدَهُ عُمَرُ ﵁ وَلَمْ يَنْقُضْ حُكْمَهُ، وَحَكَمَ عُمَرُ فِي الْمُشْرِكَةِ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ، ثُمَّ حَكَمَ فِي وَاقِعَةٍ أُخْرَى بِالْمُشَارَكَةِ، وَقَال: تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي. وَمِنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْقَاضِيَ لاَ يَنْقُضُ الْمَاضِيَ، وَأَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَل فَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِمَا يُخَالِفُ مَا مَضَى. وَمِنْ شَرْطِ نَفَاذِ الْحُكْمِ فِي الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةِ أَنْ يَكُونَ فِي حَادِثَةٍ وَدَعْوَى صَحِيحَةٍ وَإِلاَّ كَانَ فَتْوَى لاَ حُكْمًا. (١)

ارْتِفَاعُ الْخِلاَفِ بِتَصَرُّفِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ:

٢٩ - إِذَا تَصَرَّفَ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِمَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الاِجْتِهَادَاتُ طِبْقًا لأَِحَدِ الأَْقْوَال الْمُعْتَبَرَةِ، فَلاَ يَنْقُضُ مَا فَعَلَهُ كَذَلِكَ، وَيَصِيرُ كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى. وَأَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَل فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُغَايِرًا إِذَا تَغَيَّرَ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ فِي رَأْيِهِ) . وَقَدْ قَرَّرَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ الْعَطَاءَ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَمَّا جَاءَ عُمَرُ ﵁

_________

(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص١٠١، والأشباه والنظائر لابن نجيم بحاشية الحموي ١ / ١٤١،١٤٠