الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - اختلاف - الاختلاف في الأمور الاجتهادية (علم الخلاف) - ارتفاع الخلاف بحكم الحاكم
فَقَضَى بِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِئْ عَنْهُمْ شَيْءٌ اجْتَهَدَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، قَال ابْنُ الْمُبَارَكِ: يَأْخُذُ بِقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ كَانَ مِنَ التَّابِعِينَ. (١) وَلَوِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ يَخْتَارُ وَاحِدًا مِنْ ذَلِكَ. وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا اسْتُفْتِيَ فِي حَادِثَةٍ وَأَفْتَى، وَرَأْيُهُ بِخِلاَفِ رَأْيِ الْمُفْتِي، فَإِنَّهُ يَعْمَل بِرَأْيِ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الرَّأْيِ. فَإِنْ تَرَكَ رَأْيَهُ وَقَضَى بِرَأْيِ الْمُفْتِي لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ لِمُصَادَفَتِهِ فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ.
أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَاضِي مِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ فَإِنْ عَرَفَ أَقَاوِيل الأَْصْحَابِ، وَحَفِظَهَا عَلَى الإِْحْكَامِ وَالإِْتْقَانِ، عَمِل بِقَوْل مَنْ يَعْتَقِدُ قَوْلَهُ حَقًّا عَلَى التَّقْلِيدِ. (٢)
ارْتِفَاعُ الْخِلاَفِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ:
٢٨ - إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي فِي وَاقِعَةٍ مِنَ الْوَقَائِعِ بِحُكْمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الْخِلاَفُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، فَإِنَّ النِّزَاعَ يَرْتَفِعُ بِالْحُكْمِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ، وَيَعُودُ الْحُكْمُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ نَقْضُهُ حَتَّى وَلاَ الْقَاضِي الَّذِي قَضَى بِهِ نَفْسُهُ. (٣) كَمَا لَوْ حَكَمَ بِلُزُومِ الْوَقْفِ.
أَمَّا فِي غَيْرِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فَإِنَّ الْخِلاَفَ لاَ يَرْتَفِعُ بِالْقَضَاءِ،
_________
(١) وفي هذه المسألة قول آخر نذكره قريبا.
(٢) الفتاوى الهندية ٣ / ٣١١ - ٣١٣ ط بولاق ١٣١٠ هـ، ومعين الحكام ص ٣٠
(٣) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣٦١، ٣٧٣