الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
الْحَنَفِيَّةِ شَرْطُ أَوْلَوِيَّةٍ فَقَطْ. (١)
فَعَلَى قَوْل مَنِ اشْتَرَطَ الاِجْتِهَادَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ فِي الْمَسَائِل الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَلاَ إِجْمَاعٌ لاَ يَحْكُمُ إِلاَّ بِمَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ حَسَبَ أُصُول الاِجْتِهَادِ.
وَعَلَى قَوْل مَنْ يُجِيزُ كَوْنَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا، ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ الْمُقَلِّدُ بِقَوْل مُقَلِّدِهِ أَيْ بِالرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَوْلَهُ - يَعْنِي إِمَامَ الْمَذْهَبِ - أَمْ قَوْل أَصْحَابِهِ، لاَ بِالضَّعِيفِ، وَلاَ بِقَوْل غَيْرِهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ، وَإِلاَّ نُقِضَ حُكْمُهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لِلضَّعِيفِ مُدْرَكٌ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ وَكَانَ مِنْ أَهْل التَّرْجِيحِ، وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي. وَيَجُوزُ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَعْمَل بِالضَّعِيفِ لأَِمْرٍ اقْتَضَى ذَلِكَ عِنْدَهُ. (٢) وَقِيل: بَل يُقَلِّدُ قَوْل الْغَيْرِ إِذَا كَانَ رَاجِحًا فِي مَذْهَبِ ذَلِكَ الْغَيْرِ، قَال الصَّاوِيُّ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِجَوَازِ التَّقْلِيدِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَهُمْ فِي الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ: فَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِمَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ. فَيُرَجِّحُ قَوْل بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِاجْتِهَادِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُمْ جَمِيعًا. وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَخَالَفَهُمْ وَاحِدٌ مِنَ التَّابِعِينَ لاَ يُعْتَبَرُ خِلاَفُهُ إِلاَّ إِنْ كَانَ مِمَّنْ أَدْرَكَ عَهْدَهُمْ وَزَاحَمَهُمْ فِي الْفُتْيَا كَشُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ. فَإِنْ لَمْ يَأْتِ عَنِ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ فَبِإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ.
فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ خِلاَفٌ رَجَحَ قَوْل بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ
_________
(١) الهداية وفتح القدير ٦ / ٣٥٩
(٢) الشرح الصغير ٤ / ١٨٩