الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - اختلاف - الاختلاف في الأمور الاجتهادية (علم الخلاف) - أدلة جواز الاختلاف في المسائل الفرعية
فَقَدْ كَفَرَ (١) .
١١ - النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْفُرُوعُ الاِجْتِهَادِيَّةُ الَّتِي قَدْ تَخْفَى أَدِلَّتُهَا. فَهَذِهِ الْخِلاَفُ فِيهَا وَاقِعٌ فِي الأُْمَّةِ. وَيُعْذَرُ الْمُخَالِفُ فِيهَا؛ لِخَفَاءِ الأَْدِلَّةِ أَوْ تَعَارُضِهَا، أَوِ الاِخْتِلاَفِ فِي ثُبُوتِهَا. وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمُرَادُ فِي كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ إِذَا قَالُوا: فِي الْمَسْأَلَةِ خِلاَفٌ. وَهُوَ مَوْضُوعُ هَذَا الْبَحْثِ عَلَى أَنَّهُ الْخِلاَفُ الْمُعْتَدُّ بِهِ فِي الأُْمُورِ الْفِقْهِيَّةِ.
فَأَمَّا إِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ فَخَالَفَهُ، فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ بَعْدَ بَذْل الْجَهْدِ، وَيُعْذَرُ أَتْبَاعُهُ فِي تَرْكِ رَأْيِهِ أَخْذًا بِالدَّلِيل الصَّحِيحِ الَّذِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ (٢) .
فَهَذَا النَّوْعُ لاَ يَصِحُّ اعْتِمَادُهُ خِلاَفًا فِي الْمَسَائِل الشَّرْعِيَّةِ، لأَِنَّهُ اجْتِهَادٌ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَإِنَّمَا يُعَدُّ فِي مَسَائِل الْخِلاَفِ الأَْقْوَال الصَّادِرَةُ عَنْ أَدِلَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشَّرِيعَةِ (٣) .
أَدِلَّةُ جَوَازِ الاِخْتِلاَفِ فِي الْمَسَائِل الْفَرْعِيَّةِ:
١٢ - أَوَّلًا: مَا وَقَعَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ: رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: قَال النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ الأَْحْزَابِ: لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ. فَقَال بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا.
_________
(١) إرشاد الفحول ص ٢٦١ ط مصطفي الحلبي.
(٢) مستخلص من رسالة ابن تيمية " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " مطبوعة مع مجموع فتاوى ابن تيمية ١٩ / ٢٣٢، ٢٥٠ - ٢٥٧
(٣) الموافقات ٤ / ١٦٨