الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - اختلاف - الاختلاف في الأمور الاجتهادية (علم الخلاف) - حقيقة الاختلاف وأنواعه - الحكم التكليفي للاختلاف بحسب أنواعه - النوع الثالث
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلاِخْتِلاَفِ بِحَسَبِ أَنْوَاعِهِ:
أُمُورُ الدِّينِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهَا الْخِلاَفُ إِمَّا أُصُول الدِّينِ أَوْ فُرُوعُهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِمَّا أَنْ يَثْبُتَ بِالأَْدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ أَوْ لاَ. فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:
٨ - النَّوْعُ الأَْوَّل: أُصُول الدِّينِ الَّتِي تَثْبُتُ بِالأَْدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ، كَوُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ أُمُورٌ لاَ مَجَال فِيهَا لِلاِخْتِلاَفِ، مَنْ أَصَابَ الْحَقَّ فِيهَا فَهُوَ مُصِيبٌ، وَمَنْ أَخْطَأَهُ فَهُوَ كَافِرٌ (١) .
٩ - النَّوْعُ الثَّانِي: بَعْضُ مَسَائِل أُصُول الدِّينِ، مِثْل مَسْأَلَةِ رُؤْيَةِ اللَّهِ فِي الآْخِرَةِ، وَخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَخُرُوجِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ، وَمَا يُشَابِهُ ذَلِكَ، فَقِيل يَكْفُرُ الْمُخَالِفُ، وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ. فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى كُفْرَانِ النِّعَمِ (٢) .
وَشَرْطُ عَدَمِ التَّكْفِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ مُصَدِّقًا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول ﷺ. وَالتَّكْذِيبُ الْمُكَفِّرُ أَنْ يَنْفِيَ وُجُودَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُول وَيَزْعُمَ أَنَّ مَا قَالَهُ كَذِبٌ مَحْضٌ أَرَادَ بِهِ صَرْفَ النَّاسِ عَنْ شَيْءٍ يُرِيدُهُ، كَذَا قَال الْغَزَالِيُّ (٣) .
١٠ - النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْفُرُوعُ الْمَعْلُومَةُ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَفَرْضِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَحُرْمَةِ الزِّنَا، فَهَذَا لَيْسَ مَوْضِعًا لِلْخِلاَفِ. وَمَنْ خَالَفَ فِيهِ
_________
(١) فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة.
(٢) إرشاد الفحول ص٢٦٠ ط مصطفى الحلبي وكشف الخفاء ١ / ٦٥، والمغني ٢ / ٤١٧ ط الأولى بالمنار.
(٣) فيصل التفرقة للغزالي.