الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
الَّتِي فَرَضْتُهَا عَلَيْكَ، كَمَا يَدُل عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿قُمِ اللَّيْل إِلاَّ قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ (١) . قَال الطَّبَرِيُّ: " خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ فَرَضَ عَلَيْهِ قِيَامَ اللَّيْل بَيْنَ هَذِهِ الْمَنَازِل ". وَيُعَضِّدُ هَذَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأَْوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: ثَلاَثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ سُنَّةٌ، الْوِتْرُ وَالسِّوَاكُ وَقِيَامُ اللَّيْل (٢) . وَذَهَبَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ إِلَى أَنَّ قِيَامَ اللَّيْل لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى، رَسُول اللَّهِ ﷺ بَل هُوَ نَافِلَةٌ، وَإِنَّمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ مِنْ أَجْل أَنَّهُ ﷺ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَمَا عَمِل مَنْ عَمَلٍ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ فَهُوَ نَافِلَةٌ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَعْمَل ذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الذُّنُوبِ، فَهِيَ نَافِلَةٌ وَزِيَادَةٌ، وَالنَّاسُ يَعْمَلُونَ مَا سِوَى الْمَكْتُوبَةِ لِتَكْفِيرِ ذُنُوبِهِمْ فَلَيْسَ لِلنَّاسِ - فِي الْحَقِيقَةِ - نَوَافِل.
وَتَبِعَ مُجَاهِدًا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الآْخَرِ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ قِيَامِ اللَّيْل قَدْ نُسِخَ فِي حَقِّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَمَا نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ (٣)، خَاصَّةً أَنَّ الآْيَةَ مُحْتَمِلَةٌ، وَالْحَدِيثُ
_________
(١) سورة المزمل / ٢ - ٤
(٢) حديث عائشة ﵂: " ثلاث هن على فرائض. . " قال عنه ابن حجر في تلخيص الحبير ٣ / ١٢٠: ضعيف جدا، لأنه من رواية مرسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن هشام عن أبيه.
(٣) حديث: " خمس صلوات " أخرجه البخاري ومسلم في كتاب الإيمان، والترمذي في تفسير سورة سبأ، والنسائي في الصلاة.