الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
الأَْرْضَ؛ لأَِنَّ الإِْحْيَاءَ أَقْوَى مِنَ التَّحْجِيرِ (١) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَهْمَل الْمُتَحَجِّرُ إِحْيَاءَ الأَْرْضِ مُدَّةً غَيْرَ طَوِيلَةٍ عُرْفًا، وَجَاءَ مَنْ يُحْيِيهَا، فَإِنَّ الْحَقَّ لِلْمُتَحَجِّرِ؛ لأَِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ ﵊: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً لَيْسَتْ لأَِحَدٍ (٢) - وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ (٣) أَنَّهَا لاَ تَكُونُ لَهُ إِذَا كَانَ فِيهَا حَقٌّ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (٤) . وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ أَنَّ عُمَرَ ﵁ قَال: " مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ - يَعْنِي مَنْ تَحَجَّرَ أَرْضًا - فَعَطَّلَهَا ثَلاَثَ سِنِينَ، فَجَاءَ قَوْمٌ فَعَمَرُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا (٥) " وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ مَنْ عَمَّرَهَا قَبْل ثَلاَثِ سِنِينَ لاَ يَمْلِكُهَا؛ لأَِنَّ الثَّانِيَ أَحْيَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ، كَمَا لَوْ أَحْيَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصَالِحُ مِلْكِ غَيْرِهِ؛ وَلأَِنَّ حَقَّ
_________
(١) الرهوني ٧ / ١٠١ - ١١٤، والدسوقي ٤ / ٧٠
(٢) وحديث: " من أحيا أرضا ميتة ليست لأحد. . . " أخرجه البخاري وأحمد والنسائي (تلخيص الحبير ٣ / ٦١)
(٣) الإقناع بهامش بجيرمي على الخطيب ٣ / ١٩٩. وقوله " في غير حق مسلم فهي له " رواه البيهقي في حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف (تلخيص الحبير ٣ / ٦٢)، وقال في التقريب (٢ / ١٣٢): كثير ضعيف من السابعة منهم من نسبه إلى الكذب.
(٤) حديث: " من سبق إلى ما لم يسبق إليه. . . " رواه أبو داود في حديث أسحر بن مضرس (٣ / ٢٣٩ ط مصطفى محمد)، قال البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث، وصححه الضياء في المختارة (التلخيص ٣ / ٦٣)
(٥) أثر عمر " من كانت له أرض. . . " لم نجده بهذا اللفظ، وهو في الخراج لأبي يوسف (ص ٦١ ط السلفية) بلفظ " ثم تركها ثلاث سنين، فلم يعمرها، فعمرها قوم آخرون، فهم أحق بها. . . " وقال ابن حجر: رجاله ثقات (الدراية ص ٢٤٥) / ٣ ٢٤٤ / ٣