الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ - تراجم الفقهاء - إحياء الموات - إذن الإمام في الإحياء
الْجَانِبِ الآْخَرِ فَأَضَرَّ بِأَهْلِهِ؛ وَلأَِنَّ الْجَزَائِرَ مَنْبَتُ الْكَلأَِ وَالْحَطَبِ فَجَرَتْ مَجْرَى الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ. وَقَدْ قَال النَّبِيُّ ﷺ: لاَ حِمَى فِي الأَْرَاكِ (١) . وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: يُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَبَاحَ الْجَزَائِرَ (٢) . يَعْنِي أَبَاحَ مَا يَنْبُتُ فِي الْجَزَائِرِ مِنَ النَّبَاتِ. وَقَال: " إِذَا نَضَبَ الْفُرَاتُ عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ نَبَتَ عَنْ نَبَاتٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا إِنْ غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى مِلْكِ إِنْسَانٍ ثُمَّ عَادَ فَنَضَبَ عَنْهُ فَلَهُ أَخْذُهُ، فَلاَ يَزُول مِلْكُهُ بِغَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ لاَ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدٌ فَعَمَرَهُ رَجُلٌ عِمَارَةً لاَ تَرُدُّ الْمَاءَ، مِثْل أَنْ يَجْعَلَهُ مَزْرَعَةً، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ مُتَحَجِّرٌ لِمَا لَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ حَقٌّ، فَأَشْبَهَ التَّحَجُّرَ فِي الْمَوَاتِ (٣) ".
إِذْنُ الإِْمَامِ فِي الإِْحْيَاءِ:
١٤ - فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ مُخْتَلِفُونَ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ هَل هِيَ مُبَاحَةٌ فَيَمْلِكُ كُل مَنْ يَحِقُّ لَهُ الإِْحْيَاءُ أَنْ يُحْيِيَهَا بِلاَ إِذْنٍ مِنَ الإِْمَامِ، أَمْ هِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَحْتَاجُ إِحْيَاؤُهَا إِلَى إِذْنٍ؟
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الإِْحْيَاءَ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ إِذْنُ الإِْمَامِ، فَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا بِلاَ إِذْنٍ مِنَ الإِْمَامِ مَلَكَهَا.
_________
(١) حديث: " لا حمى في الأراك " رواه أبو داود وابن حبان عن أبيض بن حمال، والحديث سكت عنه المنذري (عون المعبود ٨ / ٣١٩، وانظر الفتح الكبير ٣ / ٣٤٣
(٢) الأثر عن عمر ﵁ (أنه أباح الجزائر) هكذا ذكره ابن قدامة في المغني (٥ / ٥٧٦) ولم نجد له تخريجا في كتب الحديث والآثار.
(٣) المغني ٥ / ٥٧٦ ط مكتبة الرياض.