الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
يُفِيدُ الْمُحْرِمَ شَيْئًا، وَلاَ يُجِيزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّل إِذَا طَرَأَ لَهُ مَانِعٌ عَنِ الْمُتَابَعَةِ، مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ مَرَضٍ، فَلاَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ الَّذِي يَتَحَلَّل بِهِ الْمُحْصَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا أَرَادَ التَّحَلُّل، وَلاَ يُجْزِئُهُ عَنْ نِيَّةِ التَّحَلُّل الَّتِي بِهَا يَتَحَلَّل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (١) .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الاِشْتِرَاطَ فِي الإِْحْرَامِ يُفِيدُ الْمُحْرِمَ الْمُشْتَرِطَ جَوَازَ التَّحَلُّل إِذَا طَرَأَ لَهُ مَانِعٌ مِمَّا لاَ يُعْتَبَرُ سَبَبًا لِلإِْحْصَارِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَالْمَرَضِ وَنَفَادِ النَّفَقَةِ، وَضَلاَل الطَّرِيقِ، وَالأَْوْجَهُ فِي الْمَرَضِ أَنْ يَضْبِطَ بِمَا يَحْصُل مَعَهُ مَشَقَّةٌ لاَ تُحْتَمَل عَادَةً فِي إِتْمَامِ النُّسُكِ (٢) .
ثُمَّ يُرَاعِي فِي كَيْفِيَّةِ التَّحَلُّل مَا شَرَطَهُ عِنْدَ الإِْحْرَامِ، وَفِي هَذَا يَقُول الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ (٣): إِنْ شَرَطَهُ بِلاَ هَدْيٍ لَمْ يَلْزَمْهُ هَدْيٌ، عَمَلًا بِشَرْطِهِ. وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ - أَيْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِ الْهَدْيِ وَلاَ لإِثْبَاتِهِ - لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَلِظَاهِرِ خَبَرِ ضُبَاعَةَ (٤) . فَالتَّحَلُّل فِيهِمَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ. وَإِنْ شَرَطَهُ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ، عَمَلًا بِشَرْطِهِ.
وَلَوْ قَال: إِنْ مَرِضْتُ فَأَنَا حَلاَلٌ، فَمَرِضَ صَارَ حَلاَلًا بِالْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَل، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ. (٥)
_________
(١) المسلك المتقسط ص ٢٧٩، وشرح الدردير ٢ / ٩٧
(٢) نهاية المحتاج ٢ / ٤٧٥
(٣) المرجع السابق، ونحوه في مغني المحتاج ١ / ٥٣٤
(٤) الذي أخرجه البخاري ومسلم أن النبي ﷺ علمها الاشتراط فقال: " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ".
(٥) الحديث سبق تخريجه.