الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
اسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِفِعْل النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّهُ نَحَرَ هَدْيَهُ فِي الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ أُحْصِرَ، وَهِيَ مِنَ الْحِل (١) . بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ . (٢)
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْعَقْل بِمَا يَرْجِعُ إِلَى حِكْمَةِ تَشْرِيعِ التَّحَلُّل مِنَ التَّسْهِيل وَرَفْعِ الْحَرَجِ، كَمَا قَال فِي الْمُغْنِي (٣) . " لأَِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تَعَذُّرِ الْحِل، لِتَعَذُّرِ وُصُول الْهَدْيِ إِلَى الْحَرَمِ " أَيْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ دَل عَلَى ضَعْفِ هَذَا الاِشْتِرَاطِ. وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى تَوْقِيتِ ذَبْحِ الْهَدْيِ بِالْحَرَمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ . (٤)
وَتَوْجِيهُ الاِسْتِدْلاَل بِالآْيَةِ عِنْدَهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ: الأَْوَّل: التَّعْبِيرُ بِ " الْهَدْيِ ". الثَّانِي: الْغَايَةُ فِي قَوْلِهِ ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ " مَحِلَّهُ " بِأَنَّهُ الْحَرَمُ.
وَاسْتَدَلُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى دِمَاءِ الْقُرُبَاتِ، لأَِنَّ الإِْحْصَارَ دَمُ قُرْبَةٍ، وَالإِْرَاقَةُ لَمْ تُعْرَفْ قُرْبَةً إِلاَّ فِي زَمَانٍ، أَوْ مَكَانٍ، فَلاَ يَقَعُ قُرْبَةً دُونَهُ (٥) . أَيْ دُونَ تَوْقِيتٍ بِزَمَانٍ وَلاَ مَكَانٍ، وَالزَّمَانُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ، فَتَعَيَّنَ التَّوْقِيتُ بِالْمَكَانِ.
_________
(١) المراجع السابقة في المذهبين.
(٢) سورة الفتح / ٢٥
(٣) المغني ٣ / ٣٥٨
(٤) سورة البقرة / ١٩٦
(٥) الهداية ٢ / ٢٩٧