الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢ -
وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُول:
أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ . (١) وَوَجْهُ دَلاَلَةِ الآْيَةِ قَوْل أَهْل اللُّغَةِ إِنَّ الإِْحْصَارَ مَا كَانَ بِمَرَضٍ أَوْ عِلَّةٍ، وَقَدْ عَبَّرَتِ الآْيَةُ بِأُحْصِرْتُمْ، فَدَل عَلَى تَحَقُّقِ الإِْحْصَارِ شَرْعًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرَضِ وَبِالْعَدُوِّ. وَقَال الْجَصَّاصُ: " لَمَّا ثَبَتَ بِمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ قَوْل أَهْل اللُّغَةِ أَنَّ اسْمَ الإِْحْصَارِ يَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ، وَقَال اللَّهُ ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ، وَهُوَ الْمَرَضُ، وَيَكُونَ الْعَدُوُّ دَاخِلًا فِيهِ بِالْمَعْنَى ".
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الأَْرْبَعَةِ (٢) بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، كَمَا قَال النَّوَوِيُّ (٣)، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَال: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الأَْنْصَارِيَّ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَل، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ. قَال عِكْرِمَةُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالاَ: صَدَقَ. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ (٤) وَابْنِ مَاجَهْ: مَنْ
_________
(١) سورة البقرة / ١٩٦
(٢) أبو داود باب الإحصار ٢ / ١٧٣، والترمذي ٣ / ٢٧٧ وقال: " حديث حسن صحيح "، والنسائي ٥ / ١٩٨، وابن ماجه ص ١٠٢٨ كلهم من طريق حجاج الصراف حدثني يحيى بن أبي كثير عن عكرمة.
(٣) في المجموع ٨ / ٢٥١ - ٢٥٢
(٤) من طريق عبد الرزاق، أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج بن عمرو، وهي الطريق التي سابق الإشارة إليها في حديث ابن عباس في الإحصار، وقد تكلم عليها الترمذي، والظاهر أن الحديث عن عكرمة بالإسنادين، كما كان دأبه لكثرة ر