الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ فَلَمْ يَبْرَحْ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلَمْ يَطُل الْمَجْلِسُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمَشْهُودُ لَهُ حَتَّى قَال: أَخْطَأْتُ بَعْضَ شَهَادَتِي، وَلاَ مُنَاقَضَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ لَوْ عَدْلًا، وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقِيل يُقْضَى بِمَا بَقِيَ إِنْ تَدَارَكَهُ بِنُقْصَانٍ، وَإِنْ بِزِيَادَةٍ يُقْضَى بِهَا إِنِ ادَّعَاهَا الْمُدَّعِي؛ لأَِنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَهَا قَبْل الْقَضَاءِ يُجْعَل كَحُدُوثِهِ عِنْدَهَا.
قَال الزَّيْلَعِيُّ: ثُمَّ قِيل: يُقْضَى بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا، حَتَّى لَوْ شَهِدَ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَال: غَلِطْتُ فِي خَمْسِمِائَةٍ يُقْضَى بِأَلْفٍ؛ لأَِنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ أَوَّلًا صَارَ حَقًّا لِلْمُدَّعِي وَوَجَبَ عَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِهِ فَلاَ يَبْطُل بِرُجُوعِهِ.
وَقِيل: يُقْضَى بِمَا بَقِيَ لأَِنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْل الْقَضَاءِ كَحُدُوثِهِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ. ثُمَّ قَال: وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ: أَنَّ الشَّاهِدَ إِذَا قَال وَهِمْتُ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ فِي النُّقْصَانِ: يُقْبَل قَوْلُهُ إِذَا كَانَ عَدْلًا وَلاَ يَتَفَاوَتُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْل الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. (١)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: سَقَطَتِ الشَّهَادَتَانِ: الأُْولَى لاِعْتِرَافِهِمَا بِأَنَّهُمَا عَلَى وَهْمٍ وَشَكٍّ، وَالثَّانِيَةُ لاِعْتِرَافِهِمَا بِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا حَيْثُ شَهِدَا عَلَى شَكٍّ، وَكَذَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْل الاِسْتِيفَاءِ إِنْ كَانَتْ فِي دَمٍ لاَ فِي مَالٍ فَلاَ تَسْقُطُ، وَيَدْفَعُ لِمَنْ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٤٨٨، ٤٨٩