الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ -

وَقَال الْقُرْطُبِيُّ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ (١) الْمَعْنَى: اعْفُ عَنْ إِثْمِ مَا يَقَعُ مِنَّا عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَهَذَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَنَّ الإِْثْمَ مَرْفُوعٌ، وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ هَل ذَلِكَ مَرْفُوعٌ لاَ يَلْزَمُ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ يَلْزَمُ أَحْكَامُ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ اخْتُلِفَ فِيهِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ، فَقِسْمٌ لاَ يَسْقُطُ بِاتِّفَاقٍ كَالْغَرَامَاتِ، وَالدِّيَاتِ، وَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ، وَقِسْمٌ يَسْقُطُ بِاتِّفَاقٍ كَالْقِصَاصِ وَالنُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَقِسْمٌ ثَالِثٌ يُخْتَلَفُ فِيهِ كَمَنْ أَكَل نَاسِيًا فِي رَمَضَانَ، أَوْ حَنِثَ سَاهِيًا، وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مِمَّا يَقَعُ خَطَأً وَنِسْيَانًا وَيُعْرَفُ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ (٢) .

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْفِعْل الْوَاقِعَ خَطَأً غَيْرُ مُؤَاخَذٍ عَلَيْهِ مُطْلَقًا إِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ الَّذِي قَال عِنْدَ الْكَلاَمِ عَلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ يَقْتَضِي رَفْعَ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْمَنْسِيِّ، وَالْمُؤَاخَذَةُ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى مُؤَاخَذَةٍ فِي حُكْمِ الآْخِرَةِ وَهُوَ الإِْثْمُ وَالْعِقَابُ، وَإِلَى مُؤَاخَذَةٍ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا وَهُوَ إِثْبَاتُ التَّبَعَاتِ وَالْغَرَامَاتِ. وَالظَّاهِرُ نَفْيُ حُكْمِ جَمِيعِ ذَلِكَ.

_________

(١) سورة البقرة / ٢٨٦

(٢) الجامع لأحكام القرآن ٣ / ٤٣١، ٤٣٢