الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ -

فَقَال الإِْسْنَوِيُّ: بَعْدَ أَنْ عَرَّفَ الْحُكْمَ بِأَنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَال الْمُكَلَّفِينَ بِالاِقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ: مِنْ فُرُوعِ كَوْنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لاَ بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْمُكَلَّفِينَ، أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ الْقَائِمَةِ بِالْفَاعِل، وَهُوَ مَا إِذَا وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ مَثَلًا، هَل يُوصَفُ وَطْؤُهُ بِالْحِل وَالْحُرْمَةِ، وَإِنِ انْتَفَى عَنْهُ الإِْثْمُ، أَوْ لاَ يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْهَا؟ فِيهِ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا الثَّالِثُ، وَبِهِ أَجَابَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ فَتَاوِيهِ؛ لأَِنَّ الْحِل وَالْحُرْمَةَ مِنَ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَال الْمُكَلَّفِينَ، وَالسَّاهِي وَالْمُخْطِئُ وَنَحْوُهُمَا لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ.

وَجَزَمَ فِي الْمُهَذَّبِ بِالْحُرْمَةِ، وَقَال بِهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: (أَيِ الشَّافِعِيَّةِ) وَالْخِلاَفُ يَجْرِي فِي قَتْل الْخَطَأِ، وَفِي أَكْل الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ.

ثُمَّ قَال: وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ التَّحْرِيمَ أَوِ الإِْبَاحَةَ لَمْ يُقَيِّدِ التَّعَلُّقَ بِالْمُكَلَّفِينَ بَل بِالْعِبَادِ، لِيَدْخُل فِيهِ أَيْضًا صِحَّةُ صَلاَةِ الصَّبِيِّ وَغَيْرُهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ وَوُجُوبُ الْغَرَامَةِ بِإِتْلاَفِهِ، وَإِتْلاَفِ الْمَجْنُونِ وَالْبَهِيمَةِ، وَالسَّاهِي وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْدَرِجُ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ (١) .

وَقَال الشَّاطِبِيُّ: إِنَّ بَيْنَ الْحَلاَل وَالْحَرَامِ مَرْتَبَةُ الْعَفْوِ فَلاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنَ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ. ثُمَّ قَال: وَيَظْهَرُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ

_________

(١) التمهيد ص ٤٨، ٤٩ تحقيق الدكتور محمد حسن هيتو.