الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ -
وَقَال الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ: إِنَّ الْخَرَاجَ يَسْقُطُ، وَلاَ تَسْقُطُ الصَّدَقَاتُ؛ لأَِنَّ الْخَرَاجَ يُصْرَفُ إِلَى الْمُقَاتِلَةِ، وَهُمْ يَصْرِفُونَ إِلَى الْمُقَاتِلَةِ وَيُقَاتِلُونَ الْعَدُوَّ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ الْعَدُوُّ، فَإِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ وَيَذُبُّونَ عَنْ حَرِيمِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا الزَّكَوَاتُ وَالصَّدَقَاتُ فَإِنَّهُمْ لاَ يَضَعُونَهَا فِي أَهْلِهَا " (١) وَاسْتَدَلُّوا لِوُجُوبِ طَاعَةِ الإِْمَامِ الْجَائِرِ، فِيمَا يَجُوزُ مِنْ أَمْرِهِ كَطَلَبِ الْخَرَاجِ، بِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل تَسُوسُهُمُ الأَْنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي. وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَقَال: أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الأَْوَّل فَالأَْوَّل، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ. (٢)
قَال الشَّوْكَانِيُّ - فِي بَيَانِ مَعْنَى " ثُمَّ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ ": - أَيِ ادْفَعُوا إِلَى الأُْمَرَاءِ حَقَّهُمُ الَّذِي لَهُمُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَقَبْضُهُ، سَوَاءٌ كَانَ يَخْتَصُّ بِهِمْ أَمْ يَعُمُّ، وَذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ، كَالزَّكَاةِ، وَفِي الأَْنْفُسِ كَالْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ. (٣)
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ
_________
(١) الكاساني: المرجع السابق.
(٢) حديث: كانت بنو إسرائيل " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٤٩٥ ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٤٧١ - ١٤٧٢ ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(٣) الشوكاني: نيل الأوطار ٧ / ١٩٤.