الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ - حرف الخاء - خراج - الخراج في الإسلام
الْخَرَاجُ فِي الإِْسْلاَمِ:
١١ - لَمَّا آلَتِ الْخِلاَفَةُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، وَازْدَادَتِ الْفُتُوحَاتُ الإِْسْلاَمِيَّةُ، وَاتَّسَعَتْ رُقْعَةُ الدَّوْلَةِ، وَزَادَتْ نَفَقَاتُهَا، رَأَى عُمَرُ ﵁ أَنْ لاَ يَقْسِمَ الأَْرْضَ الْمَفْتُوحَةَ عَنْوَةً بَيْنَ الْفَاتِحِينَ، بَل يَجْعَلُهَا وَقْفًا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَيَضْرِبُ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِزِرَاعَتِهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا. فَوَافَقَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَخَالَفَهُ آخَرُونَ فِي بِدَايَةِ الأَْمْرِ.
قَال أَبُو يُوسُفَ (١): وَشَاوَرَهُمْ فِي قِسْمَةِ الأَْرَضِينَ الَّتِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ فِيهَا، وَأَرَادُوا أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ وَمَا فَتَحُوا. فَقَال عُمَرُ ﵁: فَكَيْفَ بِمَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِدُونَ الأَْرْضَ بِعُلُوجِهَا قَدِ اقْتُسِمَتْ وَوُرِثَتْ عَنِ الآْبَاءِ وَحِيزَتْ، مَا هَذَا بِرَأْيٍ. فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ﵁: فَمَا الرَّأْيُ؟ مَا الأَْرْضُ وَالْعُلُوجُ إِلاَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. فَقَال عُمَرُ: مَا هُوَ إِلاَّ كَمَا تَقُول، وَلَسْتُ أَرَى ذَلِكَ، وَاللَّهِ لاَ يُفْتَحُ بَعْدِي بَلَدٌ فَيَكُونُ فِيهِ كَبِيرُ نَيْلٍ، بَل عَسَى أَنْ يَكُونَ كُلًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا قُسِمَتْ أَرْضُ الْعِرَاقِ بِعُلُوجِهَا، (٢) وَأَرْضُ الشَّامِ
_________
(١) الخراج لأبي يوسف ص ٢٤ - ٢٧.
(٢) العلوج: جمع علج وهو الرجل الذي يقوى على العمل من كفار العجم وغيرهم، والمراد بعلوج الأرض العمال الذين يقومون بزراعة الأرض.