الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ -
حَتَّى لَوْ كُنَّا نَخْشَى الْخِيَانَةَ مِنْ جَانِبِهِمْ (١) . قَال تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ (٢) وَقَال: ﴿فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ﴾ (٣) وَقَال: ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ (٤) وَأَمَّا إِذَا اسْتَشْعَرَ الإِْمَامُ عَزْمَهُمْ عَلَى الْخِيَانَةِ بِأَمَارَاتٍ تَدُل عَلَيْهَا لاَ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمٍ، لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ، وَلاَ يَجُوزُ خَدْعُهُمْ وَلاَ تَبْيِيتُهُمْ بِهُجُومٍ غَادِرٍ، وَهُمْ آمِنُونَ مُطْمَئِنُّونَ إِلَى عَهْدٍ لَمْ يُنْقَضْ، وَلَمْ يُنْبَذْ. بَل يُنْبَذُ إِلَيْهِمُ الْعَهْدُ ثُمَّ يُقَاتِلُهُمْ (٥) .
قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ . (٦)
قَال الشَّوْكَانِيُّ فِي تَفْسِيرِ الآْيَةِ: إِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً: أَيْ غِشًّا، وَنَقْضًا لِلْعَهْدِ مِنَ الْقَوْمِ الْمُعَاهَدِينَ فَاطْرَحْ إِلَيْهِمُ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، عَلَى سَوَاءٍ أَيْ أَخْبِرْهُمْ إِخْبَارًا ظَاهِرًا مَكْشُوفًا بِالنَّقْضِ، وَلاَ تُنَاجِزْهُمُ الْحَرْبَ بَغْتَةً (٧) .
١٣ - فَأَمَّا بَعْدُ أَنْ نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ، وَصَارَ عِلْمُهُمْ وَعِلْمُ الْمُسْلِمِينَ بِنَقْضِهِ عَلَى سَوَاءٍ، وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ كُل خَصْمٍ حِذْرَهُ، فَإِنَّ كُل وَسَائِل
_________
(١) المغني ٨ / ٤٦٢، شرح روض الطالب ٤ / ٢٢٥، حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٢٤.
(٢) سورة المائدة / ١.
(٣) سورة التوبة / ٤.
(٤) سورة التوبة / ٧.
(٥) أسنى المطالب ٤ / ٢٢٦، المغني ٨ / ٤٦٣.
(٦) سورة الأنفال / ٥٨.
(٧) فتح القدير تفسير آية ٥٨ من سورة الأنفال.