الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ -
وَأَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَةِ عُوقِبَ، وَفِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ فِي مَالِهِ قَوْلاَنِ: فَلاِبْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَعَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ إِنَّهَا فِي مَالِهِ. لأَِنَّ فِعْلَهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لاَ تَحْمِل عَمْدًا (١) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخَاتِنَ إِذَا تَعَدَّى بِالْجُرْحِ الْمُهْلِكِ، كَأَنْ خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لاَ يَحْتَمِلُهُ لِضَعْفٍ وَنَحْوِهِ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، فَإِنْ ظَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمِلًا فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْقَوَدِ لاِنْتِفَاءِ التَّعَدِّي. وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ الْقَوَدِ الْوَالِدُ وَإِنْ عَلاَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُقْتَل بِوَلَدِهِ، وَتَلْزَمُهُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ لأَِنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ. فَإِنِ احْتَمَل الْخِتَانَ وَخَتَنَهُ وَلِيٌّ، أَوْ وَصِيٌّ، أَوْ قَيِّمٌ فَمَاتَ، فَلاَ ضَمَانَ فِي الأَْصَحِّ لإِحْسَانِهِ بِالْخِتَانِ، إِذْ هُوَ أَسْهَل عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيرًا بِخِلاَفِ الأَْجْنَبِيِّ لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ إِقَامَةِ الشِّعَارِ.
وَلَمْ يَرَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَوَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الأَْجْنَبِيِّ أَيْضًا لأَِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ يُقِيمُ شَعِيرَةً (٢) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْخَاتِنِ إِذَا عُرِفَ مِنْهُ حِذْقُ الصَّنْعَةِ، وَلَمْ تَجْنِ يَدُهُ؛ لأَِنَّهُ فَعَل فِعْلًا مُبَاحًا فَلَمْ يَضْمَنْ سِرَايَتَهُ كَمَا فِي الْحُدُودِ، وَكَذَلِكَ لاَ ضَمَانَ إِذَا كَانَ الْخِتَانُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ وَلِيِّ غَيْرِهِ أَوِ الْحَاكِمِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِذْقٌ
_________
(١) حاشية الدسوقي ٤ / ٢٨.
(٢) نهاية المحتاج ٨ / ٣٣، ٣٤.