الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -
وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا (١) فَكُلٌّ مِنَ الْحَالَتَيْنِ نَطَقَ بِكَلِمَةٍ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ مَعْنَاهَا تَوَصُّلًا إِلَى غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، وَهُوَ إِحْرَازُ الدَّمِ، فَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِمَا أَحْكَامُ الإِْسْلاَمِ فِي الظَّاهِرِ.
وإِنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَرَامِ إِلَى الْحَلاَل وَالتَّخَلُّصَ مِنَ الْمَآثِمِ أَمْرٌ وَاجِبٌ شَرْعًا، وَالتَّحَيُّل لَهُ بِاِتِّخَاذِ الْوَسَائِل وَالأَْسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَيْهِ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ شَرْعًا كَذَلِكَ، وَلاَ تَخْرُجُ الْحِيَل الْمُبَاحَةُ عَنْ هَذَا.
مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ﴾ (٢) وَهِيَ حِيلَةٌ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْحِنْثِ، وَقَدْ عَمِل بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَقِّ الضَّعِيفِ الَّذِي زَنَى، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ فِي السُّنَنِ، حَيْثُ إِنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنَ الأَْنْصَارِ أَنَّهُ اشْتَكَى رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى أَضْنَى، فَعَادَ جِلْدَةً عَلَى عَظْمٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ لِبَعْضِهِمْ، فَهَشَّ لَهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَل عَلَيْهِ رِجَال قَوْمِهِ يَعُودُونَهُ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، وَقَال: اسْتَفْتُوا لِي رَسُول اللَّهِ ﷺ فَإِنِّي قَدْ وَقَعَتُ عَلَى جَارِيَةٍ دَخَلَتْ عَلَيَّ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِنَ الضُّرِّ مِثْل الَّذِي هُوَ بِهِ، لَوْ حَمَلْنَاهُ إِلَيْكَ لَتَفَسَّخَتْ عِظَامُهُ، مَا هُوَ إِلاَّ
_________
(١) حديث: " فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم. . . " أخرجه مسلم (١ / ٥٣ - ط الحلبي) من حديث جابر.
(٢) سورة ص / ٤٤.