الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا بِحَيْضٍ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ، لِقَوْل أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا لاَ نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُمَا حَيْضٌ. إِذَا رَأَتْهُمَا الْمُعْتَادَةُ بَعْدَ عَادَتِهَا، فَإِنَّهَا تَجْلِسُ أَيَّامَهُمَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَتَسْتَظْهِرُ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ أَلْوَانَ دَمِ الْحَيْضَةِ سِتَّةٌ، وَهِيَ السَّوَادُ وَالْحُمْرَةُ، وَالصُّفْرَةُ، وَالْخُضْرَةُ، وَالْكُدْرَةُ، وَالتُّرَبِيَّةُ قَالُوا: وَالْكُدْرَةُ مَا هُوَ كَالْمَاءِ الْكَدِرِ، التُّرَبِيَّةُ نَوْعٌ مِنَ الْكُدْرَةِ عَلَى لَوْنِ التُّرَابِ، وَالصُّفْرَةُ كَصُفْرِهِ الْقَزِّ، وَالتِّبْنِ، وَالسِّدْرِ عَلَى الاِخْتِلاَفِ، ثُمَّ إِنَّ الْمُعْتَبَرَ حَال الرُّؤْيَةِ لاَ حَالَةُ التَّغَيُّرِ، كَمَا لَوْ رَأَتْ بَيَاضًا فَاصْفَرَّ بِالْيُبْسِ، أَوْ رَأَتْ حُمْرَةً أَوْ صُفْرَةً فَابْيَضَّتْ بِالْيُبْسِ، وَأَنْكَرَ أَبُو يُوسُفَ الْكُدْرَةَ فِي أَوَّل الْحَيْضِ دُونَ آخِرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ الْخُضْرَةَ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا حَيْضٌ مِنْ ذَوَاتِ الأَْقْرَاءِ دُونَ الآْيِسَةِ. وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ التُّرَبِيَّةِ - وَهُوَ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ دُونَ الصُّفْرَةِ - وَالتُّرَبِيَّةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُسَاوِي التُّرَبِيَّةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، حَيْثُ إِنَّهُمْ وَصَفُوا التُّرَبِيَّةَ بِأَنَّهَا دَمٌ فِيهِ غُبْرَةٌ تُشْبِهُ لَوْنَ التُّرَابِ (١) .
_________
(١) حاشية ابن عابدين ١ / ١٩٢، حاشية الدسوقي ١ / ١٩٧، الخرشي على مختصر خليل ١ / ٢٠٣، حواشي الشرواني وابن القاسم العبادي على تحفة المحتاج ١ / ٤٠٠ دار صادر، مغني المحتاج ١ / ١١٣، نهاية المحتاج ١ / ٣٤٠، كشاف القناع ١ / ٢١٣.