الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -
مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُْولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ. (١)
قَال الْعُلَمَاءُ: الْحَيَاءُ مِنَ الْحَيَاةِ، وَعَلَى حَسَبِ حَيَاةِ الْقَلْبِ يَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُلُقِ الْحَيَاءِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ مِنْ مَوْتِ الْقَلْبِ (٢) وَالرُّوحِ، وَأَوْلَى الْحَيَاءِ: الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحَيَاءُ مِنْهُ أَلاَّ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَمُرَاقَبَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ: الإِْحْسَانُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. (٣)
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵄ مَرْفُوعًا: اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ. قَال: قُلْنَا: إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَال: لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنْ الاِسْتِحْيَاءُ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآْخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَل ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ (٤) قَال الْجُنَيْدُ ﵀
_________
(١) حديث: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت ". أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٥٢٣ - ط السلفية) من حديث عبد الله بن مسعود
(٢) مدارج السالكين ٢ / ٢٥٩.
(٣) حديث: " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ١١٤ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٣٩ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(٤) حديث: " استحوا من الله حق الحياء ". أخرجه الترمذي (٤ / ٦٣٧ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود وهو حديث حسن طرقه.