الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨ -

اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحِيل، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي جِهَاتِ قَضَاءِ الدَّيْنِ، فَلاَ تَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ جِهَةٌ قَهْرًا، كَجِهَةِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ (١) .

٣٤ - وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ تَقَعَ الْحَوَالَةُ عَنْ رِضًا مِنَ الْمُحِيل لأَِنَّهَا إِبْرَاءٌ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، فَيُفْسِدُهَا الإِْكْرَاهُ كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ (٢) .

وَفِي اشْتِرَاطِ رِضَاهُ اخْتِلاَفٌ بَيْنَ رِوَايَتَيِ الْقُدُورِيِّ وَالزِّيَادَاتِ: وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ الْمُوجِبَةِ: أَنَّ ذَوِي الْمُرُوءَاتِ قَدْ يَأْنَفُونَ مِنْ أَنْ يَحْمِل عَنْهُمْ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ دُيُونِهِمْ، فَلاَ بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ، ثُمَّ يَطَّرِدُ الْبَابُ كُلُّهُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ النَّافِيَةِ: أَنَّ الْتِزَامَ الدَّيْنِ مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَالْمُحِيل لاَ يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ، بَل فِيهِ نَفْعُهُ عَاجِلًا وَآجِلًا: أَمَّا عَاجِلًا فَلأَِنَّهُ سَيَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِدَيْنِهِ فِي الْحَال، وَأَمَّا آجِلًا فَلأَِنَّ الْمُحَال عَلَيْهِ لاَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ قَدْ قَبِل حَوَالَةَ دَيْنِهِ، فَلَمْ يَبْقَ مَعْنًى لاِشْتِرَاطِ رِضَاهُ. لَكِنْ كَثِيرًا مِنْ مُحَقِّقِي الْمَذْهَبِ لاَ يَرَوْنَ أَنَّ هُنَاكَ فِي الْحَقِيقَةِ خِلاَفًا: فَإِنَّ الْقُدُورِيَّ لَمْ يُوجِبْ رِضَا الْمُحِيل لِنَفَاذِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ، بَل لِيَسْقُطَ بِالْوَفَاءِ دَيْنُ الْمُحِيل فِي ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ - إِنْ كَانَ - وَلِيَرْجِعَ هَذَا إِلَى الْمُحِيل بِمَا أَدَّى عَنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لَهُ.

_________

(١) الخرشي على خليل ٤ / ٢٣٢ ومغني المحتاج على المنهاج ٢ / ١٩٢ - ١٩٣ والمغني لابن قدامة ٥ / ٥٨.

(٢) البدائع ٦ / ١٦.